الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 9 ] فصل : وإذا تزوجت المرأة تزويجا فاسدا ، لم يجز تزويجها لغير من تزوجها حتى يطلقها أو يفسخ نكاحها . وإذا امتنع من طلاقها ، فسخ الحاكم نكاحه . نص عليه أحمد . وقال الشافعي : لا حاجة إلى فسخ ولا طلاق ; لأنه نكاح غير منعقد ، أشبه النكاح في العدة . ولنا ، أنه نكاح يسوغ فيه الاجتهاد ، فاحتيج في التفريق فيه إلى إيقاع فرقة ، كالصحيح المختلف فيه ، ولأن تزويجها من غير تفريق يفضي إلى تسليط زوجين عليها ، كل واحد منهما يعتقد أن نكاحه الصحيح ، ونكاح الآخر الفاسد ، ويفارق النكاح الباطل من هذين الوجهين

                                                                                                                                            وإذا زوجت بآخر قبل التفريق ، لم يصح الثاني أيضا ، ولم يجز تزويجها الثالث حتى يطلق الأولان أو يفسخ نكاحهما ، ومتى فرق بينهما قبل الدخول ، فلا مهر لها ; لأنه عقد فاسد لم يتصل به قبض ، فلم يجب به عوض كالبيع الفاسد ، وإن كان التفريق بعد الدخول ، فلها المهر ; بدليل قوله عليه السلام { : فلها المهر بما استحل من فرجها } . وإن تكرر الوطء فالمهر واحد ; للحديث ، ولأنه إصابة في عقد فاسد ، أشبه الإصابة في عقد صحيح .

                                                                                                                                            ( 5146 ) فصل : والواجب لها مهر مثلها ، أومأ إليه أحمد ; فإنه قال في العبد يتزوج بغير إذن سيده : يعطي شيئا

                                                                                                                                            قال القاضي : يعني مهر المثل . وهو ظاهر قول الخرقي ; لقوله : { وإذا زوج الوليان فالنكاح للأول منهما ، فإن دخل بها الثاني فلها مهر مثلها } . وهذا مذهب الشافعي . والمنصوص عن أحمد أن لها المسمى ; لأن في بعض ألفاظ حديث عائشة { : ولها الذي أعطاها بما أصاب منها . } قال القاضي : حدثناه أبو بكر البرقاني ، وأبو محمد الخلال ، بإسناديهما . وقال أبو حنيفة : الواجب الأقل من المسمى أو مهر المثل ; لأنها إن رضيت بدون مهر مثلها فليس لها أكثر منه ، كالعقد الصحيح ، وإن كان المسمى أكثر لم يجب الزائد ; لأنه بغير عقد صحيح

                                                                                                                                            ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم { : فلها المهر بما استحل من فرجها } . فجعل لها المهر المميز بالإصابة ، والإصابة إنما توجب مهر المثل ، ولأن العقد ليس بموجب ، بدليل الخبر ، وأنه لو طلقها قبل مسها لم يكن لها شيء ، وإذا لم يكن موجبا كان وجوده كعدمه ، وبقي الوطء موجبا بمفرده ، فأوجب مهر المثل ، كوطء الشبهة ، ولأن التسمية لو فسدت لوجب مهر المثل ، فإذا فسد العقد من أصله كان أولى . وقول أبي حنيفة إنها رضيت بدون صداقها . إنما يصح إذا كان العقد هو الموجب ، وقد بينا أنه إنما يجب بالإصابة ، فيجب مهر المثل كاملا ، كوطء الشبهة .

                                                                                                                                            ( 5147 ) فصل : ولا يجب لها بالخلوة شيء . في قول أكثر أهل العلم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لها المهر بما استحل من فرجها . يعني أصاب . ولم يصبها . والمنصوص عن أحمد أن المهر يستقر بالخلوة ، قياسا على العقد الصحيح ، وبناء على أن الواجب المسمى بالعقد ، وقد ذكرنا ذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية