الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فيها قولان: أحدهما: أن الثلاثين ليلة شهر أمر بصيامه ، والعشر بعدها أجل لمناجاة ربه. والثاني: أن الأربعين كلها أجل لمناجاة ربه ، أجل في الأول ثلاثين ليلة ثم زيدت عشرا بعدها. وقد قيل إنه ذو القعدة وعشر من ذي الحجة ، حكي ذلك عن مجاهد ، وابن جريج ، ومسروق. فتم ميقات ربه أربعين ليلة يعني أن اجتماع الأجلين تمام أربعين ليلة ، ليدل بذلك على أن العشر هي ليال وليست ساعات. فإن قيل: فمعلوم أن العشر مع الثلاثين مستكملة أربعين ، فما معنى قوله: فتم ميقات ربه أربعين ليلة فعن ذلك ثلاثة أجوبة: أحدها: أنه تأكيد في الذكر فلم يمتنع. والثاني: كان وعده إلى الجبل الذي كلمه فيه. والثالث: لينفي تمام الثلاثين بالعشر أن يكون من جملة الثلاثين لأن تمام الشيء بعض منه. فإن قيل: فلم زاد في أجل وعده بعد الثلاثين عشرا جعلها أجلا ثانيا فأخر بها موعده؟ قيل عن ذلك جوابان: أحدهما: أن قومه تأخروا عنه في الأجل الأول فزاده الله لتأخرهم عنه أجلا ثانيا ليحضروا. والثاني: لأن قومه عبدوا العجل بعده فزاده الله أجلا ثانيا عقوبة لهم. ويحتمل جوابا ثالثا: أن الله فعل ذلك به اختبارا لقومه ليتميز به المؤمن من المنافق ويعرف به المتيقن من المرتاب. [ ص: 257 ] والفرق بين الميقات والوقت وإن كانا من جنس واحد أن الميقات ما قدر لعمل ، والوقت قد لا يتقدر لعمل.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية