الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في دعاء المشركين 50 2612 حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا وقال إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله تعالى وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله تعالى فلا تنزلهم فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم قال سفيان بن عيينة قال علقمة فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان فقال حدثني مسلم قال قال أبو داود هو ابن هيصم عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث سليمان بن بريدة [ ص: 218 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 218 ] 90 - باب في دعاء المشركين

                                                                      أي دعوتهم إلى الإسلام .

                                                                      ( في خاصة نفسه ) : أي في حق نفسه خصوصا وهو متعلق بتقوى الله وهو متعلق بأوصاه ( وبمن معه من المسلمين خيرا ) : نصب على انتزاع الخافض أي أوصاه بخير بمن معه من المسلمين ( أو خلال ) : شك من الراوي ، والخصال والخلال بكسرهما جمع الخصلة والخلة وهما بمعنى واحد ( فأيتها ) : وفي بعض النسخ أيتهن والضمير للخصال ( أجابوك إليها ) : أي قبلوها منك ( وكف عنهم ) : أي امتنع عن إيذائهم ( ادعهم إلى الإسلام ) : هذه إحدى الخصال الثلاث ( ثم ادعهم إلى التحول ) : أي الانتقال ( إلى دار المهاجرين ) : أي المدينة ، وهذا من توابع الخصلة الأولى بل قيل إن الهجرة كانت من أركان الإسلام قبل فتح مكة ( وأعلمهم ) : أي أخبرهم ( ذلك ) : أي التحول ( أن لهم ما للمهاجرين ) : أي من الثواب واستحقاق مال الفيء .

                                                                      قال الخطابي : إن المهاجرين كانوا أقواما من قبائل مختلفة تركوا أوطانهم وهجروها في الله تعالى ، واختاروا المدينة وطنا ، ولم يكن لأكثرهم بها زرع ولا ضرع ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق عليهم مما أفاء الله عليه أيام حياته ، ولم يكن للأعراب وسكان البدو في ذلك حظ إلا من قاتل منهم ، فإذا شهد الوقعة أخذ سهمه وانصرف إلى أهله فكان فيهم ( وأن عليهم ما على المهاجرين ) : أي من الجهاد والنفير أي وقت دعوا إليه لا يتخلفون .

                                                                      [ ص: 219 ] والأعراب من أجاب منهم وقاتل أخذ سهمه ، ومن لم يخرج في البعث فلا شيء له من الفيء ولا عتب عليه ما دام في المجاهدين كفاية ، قاله الخطابي ( فإن أبوا ) : أي عن التحول ( كأعراب المسلمين ) : أي الذين يسكنون في البوادي ( يجرى عليهم ) : بصيغة المجهول ( حكم الله ) : من وجوب الصلاة والزكاة وغيرهما والقصاص والدية ونحوهما ( في الفيء والغنيمة ) الغنيمة : ما أصيب من مال أهل الحرب وأوجف عليهم المسلمون بالخيل والركاب ، والفيء هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد ( فإن هم أبوا ) : أي عن قبول الإسلام ( فادعهم إلى إعطاء الجزية ) : هذه هي الخصلة الثانية ( فإن أجابوا ) : أي قبلوا بذل الجزية ( فاقبل منهم ) : أي الجزية ( فإن أبوا ) : أي عن الجزية ( فاستعن بالله وقاتلهم ) : هذه هي الخصلة الثالثة ( وإذا حاصرت أهل حصن ) : أي من الكفار ( فأرادوك ) : أي طلبوا منك ( على حكم الله ) : أي على ما يحكم الله فيهم ( بعد ) : مبني على الضم أي بعد إنزالهم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه .

                                                                      وحديث النعمان بن مقرن أخرجه ابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية