الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
ويقال لأهل البدع: لم زعمتم أن معنى قوله بيدي نعمتي؟ أزعمتم ذلك إجماعا أو لغة؟ فلا يجدون ذلك في إجماع ولا في لغة، فإن قالوا: قلنا ذلك من [ ص: 341 ] القياس، قيل لهم: من أين وجدتم في القياس أن قول الله عز وجل: خلقت بيدي [ص 75] لا يكون معناه إلا نعمتي، ومن أين يمكن أن يعلم العقل أن يفسر لفظة كذا وكذا مع أنا رأينا الله عز وجل قد قال في كتابه الناطق على لسان نبيه الصادق : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه [إبراهيم 4] .

وقال سبحانه : أفلا يتدبرون القرآن [النساء 82] ولولا أن القرآن بلسان العرب ما جاز أن تتدبره [ ص: 342 ] ولا أن تعرف العرب معانيه إذا سمعته، فلما كان من يحسن كلام العرب لا يحسنه وإنما يعرفه العرب إذا سمعوه علم أنهم علموه لأنه بلسانهم نزل.

قال: وقد اعتل معتل بقول الله عز وجل : والسماء بنيناها بأيد [الذاريات 47]، قال: الأيدي القوة، فوجب أن يكون معنى قوله بيدي أي بقدرتي، قيل لهم: هذا التأويل فاسد من وجوه:

أحدها أن الأيد ليس بجمع اليد؛ لأن جمع يد أيدي وجمع اليد التي هي نعمة أيادي، والله عز وجل لم [ ص: 343 ] يقل بأيدي ولا قال بأيادي، وإنما قال : لما خلقت بيدي [ص 75] فبطل أن يكون معنى قوله بيدي معنى قوله : بنيناها بأيد [الذاريات 47].

وأيضا فلو أراد القوة لكان معنى ذلك بقدرتي، وهذا مناقض لقول مخالفينا ومجانب لمذاهبهم؛ لأنهم لا يثبتون قدرة الله عز وجل، فكيف يثبتون قدرتين؟

التالي السابق


الخدمات العلمية