الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 27 ] سورة والليل

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      آ. (3) قوله : وما خلق : يجوز في "ما" أن تكون بمعنى "من"، وهو رأي جماعة تقدم ذكرهم في السورة قبلها. وقيل: هي مصدرية. وقال الزمخشري : "والقادر: العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد". قلت: قد تقدم تقرير قوله هذا وما اعترض به عليه، وما أجيب عنه، في السورة قبلها. وقرأ أبو الدرداء "والذكر والأنثى". وقرأ عبد الله "والذي خلق"، والكسائي- ونقلها ثعلب عن بعض السلف- "وما خلق الذكر" بجر "الذكر" قال الزمخشري : "على أنه بدل من محل "ما خلق" بمعنى "وما خلقه، أي: ومخلوق الله الذكر، وجاز إضمار "الله" لأنه معلوم بانفراده بالخلق". وقال الشيخ: "وقد يخرج على توهم المصدر، أي: وخلق الذكر، [ ص: 28 ] كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      4583 - تطوف العفاة بأبوابه كما طاف بالبيعة الراهب



                                                                                                                                                                                                                                      بجر "الراهب" على توهم النطق بالمصدر، أي: كطواف الراهب" انتهى. والذي يظهر في تخريج البيت أن أصله "الراهبي" بياء النسب، نسبة إلى الصفة، ثم خفف، وهو قليل كقولهم: أحمري ودواري، وهذا التخريج بعينه في قول امرئ القيس :


                                                                                                                                                                                                                                      4584 - . . . . . . . . . . . . . . .     فقل في مقيل نحسه متغيب



                                                                                                                                                                                                                                      استشهد به الكوفيون على تقديم الفاعل. وقرأ العامة تجلى فعلا ماضيا، وفاعله ضمير عائد على النهار. وعبد الله بن عبيد بن عمير "تتجلى" بتاءين، أي: الشمس. وقرئ "تجلي" بضم التاء وسكون [ ص: 29 ] الجيم، أي: الشمس أيضا، ولا بد من عائد على النهار محذوف، أي: تتجلى أو تجلي فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية