الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              240 [ ص: 522 ] 72 - باب: غسل المرأة (أباها الدم عن وجهه)

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو العالية: امسحوا على رجلي فإنها مريضة.

                                                                                                                                                                                                                              243 - حدثنا محمد قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أبي حازم، سمع سهل بن سعد الساعدي، وسأله الناس - وما بيني وبينه أحد-: بأي شيء دووي جرح النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما بقي أحد أعلم به مني، كان علي يجيء بترسه فيه ماء، وفاطمة تغسل عن وجهه الدم، فأخذ حصير فأحرق، فحشي به جرحه. [2903، 2911، 3037، 4075، 5248، 5722 - مسلم: 1790 - فتح: 1 \ 354]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              هذا رواه ابن أبي شيبة، عن أبي معاوية، عن عاصم، وداود، عن أبي العالية أنه اشتكى رجله فعصبها وتوضأ ومسح عليها، وقال: إنها مريضة. وينبغي أن يقرأ (مسح) بضم الميم; ليوافق ما رواه البخاري.

                                                                                                                                                                                                                              ثم قال البخاري: حدثنا محمد، أنا ابن عيينة، عن أبي حازم، سمع سهل بن سعد الساعدي، وسأله الناس - وما بيني وبينه أحد-: بأي شيء (دووي) جرح النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما بقي أحد أعلم به مني، كان علي يجيء بترسه فيه ماء، وفاطمة تغسل عن وجهه الدم، فأخذ حصير فأحرق، فحشي به جرحه.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضا في الجهاد والنكاح، وأخرجه مسلم في المغازي.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 523 ] ثم الكلام عليه من أوجه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              محمد هذا: هو ابن سلام البيكندي، كذا جاء في بعض نسخه، ورواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح وهشام بن عمار، عن سفيان.

                                                                                                                                                                                                                              ورواه الإسماعيلي أيضا عن محمد بن الصباح، عن سفيان به.

                                                                                                                                                                                                                              وادعى ابن عساكر أن ابن ماجه رواه من حديث سفيان، عن أبي حازم، والذي في نسخة منه عن سفيان، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، وأبو حازم بالحاء المهملة [والزاي] المعجمة اسمه: سلمة بن دينار الأعرج، أحد الأعلام. مات بعد الثلاثين ومائة.

                                                                                                                                                                                                                              وسهل بن سعد: هو الساعدي (الأنصاري) مات سنة ثمان وثمانين، أو سنة إحدى وتسعين.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              (دووي) بواوين، ووقع في بعض النسخ بواحدة، وتكون الأخرى محذوفة كما حذفت من داود.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              قول سهل: (ما بقي أحد أعلم به مني). إنما قال ذلك; لأن وفاته [ ص: 524 ] تأخرت عن [الواقعة] فوق ثمانين سنة; لأنها كانت بأحد، كما سيأتي، وهي في الثالثة; لأنه آخر من مات من الصحابة بالمدينة في قول ابن سعد (...) وقال ابن الحذاء: بمصر. والترس: الجحفة.

                                                                                                                                                                                                                              رابعها:

                                                                                                                                                                                                                              هذه الواقعة كانت بأحد، وزعم ابن سعد أن (عتبة) بن أبي وقاص شج النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وأصاب رباعيته، فكان سالم مولى أبي حذيفة يغسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كيف يفلح قوم صنعوا هذا بنبيهم، فأنزل الله تعالى: ليس لك من الأمر شيء الآية [آل عمران: 128] وساقه من حديث محمد بن حميد العبدي، ثنا معمر، عن قتادة، وزعم السهيلي أن عبد الله بن قميئة هو الذي جرح وجهه صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              خامسها: في أحكامه:

                                                                                                                                                                                                                              الأول: غسل الدم من الجسد، وهو إجماع.

                                                                                                                                                                                                                              الثاني: جواز مباشرة المرأة أباها وذوي محارمها وإلطافها إياهم، ومداواة أمراضهم. قال المهلب: ولذلك قال أبو العالية لأهله: (امسحوا على رجلي فإنها مريضة) ولم يخص بعضهم دون بعض; بل عمهم جميعا.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 525 ] الثالث: إباحة التداوي; لأنه صلى الله عليه وسلم قد داوى جرحه بالحصير المحرق، وقد جاء في رواية أخرى، فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة، أخذت قطعة من حصير فأحرقتها وألصقتها فاستمسك الدم، وكسرت رباعيته يومئذ، وجرح وجهه وكسرت البيضة على رأسه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية