الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5173 ) مسألة ; قال : ( ويزوج أمة المرأة بإذنها من يزوجها ) اختلفت الرواية عن أحمد في من يزوج أمة المرأة ، فروي عنه ، أنه يلي نكاحها ولي سيدتها . قال القاضي : هذا هو الصحيح . وهو مذهب الشافعي ; لأن مقتضى الدليل كون الولاية لها ، فامتنعت في حقها لقصورها ، فتثبت لأوليائها ، كولاية نفسها ، ولأنهم يلونها لو عتقت ، ففي حال رقها أولى . ثم إن كانت سيدتها رشيدة ، لم يجز تزويج أمتها إلا بإذنها ; لأنها مالها ، ولا يجوز التصرف في مال رشيد بغير إذنه ، ويعتبر نطقها بذلك وإن كانت بكرا ; لأن صماتها إنما اكتفي به في تزويج نفسها لحيائها .

                                                                                                                                            ولا تستحيي من تزويج أمتها ، وإن كانت صغيرة أو مجنونة أو سفيهة ، ولوليها ولاية على مالها ، فله تزويج أمتها ، إن كان الحظ في تزويجها ، وإلا فلا يملك تزويجها . وكذلك الحكم في أمة ابنه الصغير . وقال بعض الشافعية : ليس له تزويجها بحال ; لأن فيه تغريرا بمال الصغيرة ; لأنها ربما حملت . فتلفت . ولنا ، أن له التصرف بما فيه الحظ ، والتزويج هاهنا فيه الحظ ; لأن الكلام فيه ، فجاز ، كسائر التصرفات الجائزة واحتمال الخطر مرجوح لما فيه من تحصيل مهرها ، وولدها ، وكفاية مؤنتها ، وصيانتها عن الزنى الموجب للحد في حقها ، ونقص قيمتها ، والمرجوح كالمعدوم

                                                                                                                                            وإن كان وليها في مالها غير ولي تزويجها ، فولاية تزويجها للولي في المال دون ولي التزويج ; لأنه هو المتصرف في المال ، وهي مال . والرواية الثانية ، أن للمرأة أن تولي أمر أمتها رجلا يزوجها . نقلها عن أحمد جماعة ; لأن سبب الولاية الملك ، وقد تحقق في المرأة ، وامتنعت المناشزة لنقص الأنوثة ، فملكت التوكيل ، كالرجل المريض والغائب . ونقل عن أحمد كلام يحتمل رواية ثالثة ، وهو أن سيدتها تزوجها ، فإنه قيل له : تزوج أمتها ؟ قال : قد قيل ذلك ، هي مالها . وهذا يحتمل أنه ذهب إليه

                                                                                                                                            وهو قول أبي حنيفة ; لأنها مالكة لها ، وولايتها تامة عليها ، فملكت تزويجها ، كالسيد ، ولأنها تملك بيعها وإجارتها ، فملكت تزويجها ، كسيدها ، ولأن الولاية إنما تثبت على المرأة لتحصيل الكفاية ، وصيانة لحظ الأولياء في تحصيلها ، فلا تثبت عليها الولاية في أمتها ; لعدم اعتبار الكفاية ، وعدم الحق للأولياء فيها . ويحتمل أن أحمد قال هذا حكاية لمذهب غيره ، فإنه قد قال في سياقها : أحب إلي أن تأمر من يزوجها ; لأن النساء لا يعقدن . وقد ذكرنا في خبر أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : لا تنكح المرأة المرأة } .

                                                                                                                                            وقالت عائشة رضي الله عنها : زوجوا ، فإن النساء لا يزوجن ، واعقدوا ، فإن النساء لا يعقدن . ولأن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها ، فغيرها أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية