الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في فضل الفقر

                                                                                                          2350 حدثنا محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان الثقفي البصري حدثنا روح بن أسلم حدثنا شداد أبو طلحة الراسبي عن أبي الوازع عن عبد الله بن مغفل قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله والله إني لأحبك فقال انظر ماذا تقول قال والله إني لأحبك فقال انظر ماذا تقول قال والله إني لأحبك ثلاث مرات فقال إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا فإن الفقر أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه حدثنا نصر بن علي حدثنا أبي عن شداد أبي طلحة نحوه بمعناه قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وأبو الوازع الراسبي اسمه جابر بن عمرو وهو بصري [ ص: 14 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 14 ] قوله : ( أخبرنا روح ) بفتح راء وسكون واو وإهمال حاء ( بن أسلم ) الباهلي أبو حاتم البصري ضعيف من التاسعة ( أخبرنا شداد ) بن سعيد ( أبو طلحة الراسبي ) البصري ، صدوق يخطئ من الثامنة ( عن أبي الوازع ) اسمه جابر بن عمرو الراسبي صدوق يهم من التاسعة .

                                                                                                          قوله : ( والله إني لأحبك ) أي حبا بليغا وإلا فكل مؤمن يحبه ( فقال له انظر ما تقول ) أي رمت أمرا عظيما وخطبا خطيرا فتفكر فيه ، فإنك توقع نفسك في خطر . وأي خطر أعظم من أن يستهدفها غرضا لسهام البلايا والمصائب ، فهذا تمهيد لقوله : ( فأعد للفقر تجفافا ) ( قال والله إني لأحبك ثلاث مرات ) ظرف لقال ( إن كنت تحبني ) حبا بليغا كما تزعم ( فأعد ) أمر مخاطب من الإعداد ، أي فهيئ ( للفقر ) أي بالصبر عليه بل بالشكر والميل إليه ( تجفافا ) بكسر الفوقية وسكون الجيم : أي درعا وجنة . ففي المغرب : هو شيء يلبس على الخيل عند الحرب كأنه درع ، تفعال من جف لما فيه من الصلابة واليبوسة انتهى . فتاؤه زائدة على ما صرح به في النهاية . وفي القاموس : التجفاف بالكسر آلة للحرب يلبسه الفرس والإنسان ليقيه في الحرب . فمعنى الحديث : إن كنت صادقا في الدعوى ومحقا في المعنى فهيئ آلة تنفعك حال البلوى ، فإن البلاء والولاء متلازمان في الخلا والملا . ومجمله أنه تهيأ للصبر خصوصا على الفقر لتدفع به عن دينك بقوة يقينك ما ينافيه من الجزع والفزع ، وقلة القناعة وعدم الرضا بالقسمة . وكنى بالتجفاف عن الصبر ؛ لأنه يستر الفقر كما يستر التجفاف البدن عن الضر . قاله القاري : ( من السيل ) أي إذا انحدر من علو ( إلى منتهاه ) أي مستقره في سرعة وصوله . والمعنى أنه لا بد من وصول [ ص: 15 ] الفقر بسرعة إليه ، ومن نزول البلايا والرزايا بكثرة عليه ، فإن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، خصوصا سيد الأنبياء ، فيكون بلاؤه أشد من بلائهم ، ويكون لأتباعه نصيب على قدر ولائهم .

                                                                                                          قوله : ( حدثنا نصر بن علي ) بن نصر بن علي الجهضمي ، ثقة ثبت ، طلب للقضاء فامتنع من العاشرة ( أخبرنا أبي ) أي علي بن نصر بن علي الجهضمي البصري ، ثقة من كبار التاسعة . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه أحمد .




                                                                                                          الخدمات العلمية