الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا مالك عن أبي الزبير المكي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : { صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر } قال مالك : أرى ذلك في مطر .

( قال الشافعي ) فزعمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بالمدينة الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يكن له وجه عندكم إلا أن ذلك في مطر ثم زعمتم أنتم أنكم تجمعون بين المغرب والعشاء بالمدينة وكل بلد جامع ، ولا تجمعون بين الظهر والعصر في المطر ( قال الشافعي ) : وإنما ذهب الناس في هذا مذاهب فمنهم من قال : جمع بالمدينة توسعة على أمته لئلا يحرج منهم أحد إن جمع بحال ليس لأحد أن يتأول في الحديث ما ليس فيه وقالت فرقة : نوهن هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت في الصلاة فكان هذا خلافا لما رووا من أمر المواقيت فردوا أن يجمع أحد في الحضر في مطر أو غيره وامتنعوا من تثبيته وقالوا : خالفه ما هو أقوى منه وقالوا : لو ثبتناه لزمنا مثل قول من قال : يجمع لأنه ليس في الحديث ذكر مطر ولا غيره ، بل قال : من حمل الحديث أراد أن لا تحرج أمته .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فذهبتم ، ومن ذهب مذهبكم المذهب الذي وصفت من الاحتجاج في الجمع في المطر ورأى أن وجه الحديث هو الجمع في المطر ثم خالفتموه في الجمع في الظهر والعصر في المطر أرأيتم إن قال لكم قائل : بل نجمع بين الظهر والعصر في المطر ، ولا نجمع بين المغرب والعشاء في المطر هل الحجة عليه إلا أن الحديث إذا كانت فيه الحجة لم يجز أن يؤخذ ببعضه دون بعض ؟ فكذلك هي على من قال : يجمع بين المغرب والعشاء ولا يجمع بين الظهر والعصر ، وقلما نجد لكم قولا يصح ، والله المستعان أرأيتم إذا رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء فاحتججتم على من خالفكم بهذا الحديث في الجمع بين المغرب والعشاء هل تعدون أن يكون لكم بهذا حجة فإن كانت لكم به حجة فعليكم فيه حجة في ترككم الجمع بين الظهر والعصر وإن لم تكن لكم بهذا حجة على من خالفكم فلا تجمعوا بين ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء [ ص: 217 ] لا يجوز غير هذا ، وأنتم خارجون من الحديث ، ومن معاني مذاهب أهل العلم كلها ، والله المستعان أو رأيتم إذ رويتم الجمع في السفر لو قال قائل كما قلتم : أجمع بين المغرب والعشاء ; لأن أكثر الأحاديث جاءت فيه ولا أجمع بين الظهر والعصر لأنهما في النهار والليل أهول من النهار هل الحجة عليه إلا أن الجمع رخصة فيها فلا يجوز أن يمنع أحد من بعضها دون بعض فكذلك هي عليكم والله أعلم . .

التالي السابق


الخدمات العلمية