الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " ولو أوصى المودع إلى أمين لم يضمن ، فإن كان غير أمين ضمن " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا حضر المستودع الموت ، فإن كان مالكها حاضرا أو وكيله ، لم يجز أن يوصي بها ، كما لا يجوز إذا أراد السفر مع حضور مالكها أن يودعها ، وإن كان مالكها غائبا وليس له وكيل حاضر ، فإن لم يقدر على حاكم جاز أن يوصي بها إلى أمين وإن قدر على الحاكم ، ففي جواز الوصية بها غيره وجهان على ما ذكرنا في السفر ، فإذا جاز له الوصية بها مع عدم الحاكم ومع وجوده في أحد الوجهين اختار لها أمينا ، فإن اختار لها أمينا قد اختاره لوصية نفسه كان أولى ولا ضمان عليه وفي وجوب الإشهاد عليه بها وجهان ، وإن اختار لها أمينا غير من اختاره لوصية نفسه ، ففي ضمانه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يضمن وهو قول الأكثرين من أصحابنا ، كما لو أوصى ببعض ماله إلى رجل وبعضه إلى غيره .

                                                                                                                                            والوجه الثاني وهو قياس أبي سعيد الإصطخري في علف الدابة في غير منزله : أنه يضمن ؛ لأن الظاهر ممن اختاره بنفسه أنه أظهر أمانة ، قلنا : إن أوصى بها إلى غير أمين لم يجز ، سواء جعله وصي نفسه أم لا ، وسواء علم فسقه أم لا ؛ لأن العمد والخطأ في ضمان الأموال سواء ، فإن فعل نظر ، فإن سلمها إليه ضمنها لتفريطه فيها وإن لم يسلمها إليه عند الوصية حتى هلكت ، ففي ضمانه لها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه لا يضمنها ؛ لأنه ما أحدث فيها فعلا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يضمنها ؛ لأنه قد سلط عليها وإن لم يقبضها ، فصار ذلك عدوانا ، فوجب الضمان ، فأما إن لم يوص بها حتى مات نظر ، فإن لم يقدر على الوصية لمفاجأة الموت لم يضمن وإن قدر عليها ضمن ، وبالله التوفيق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية