الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يوصيكم الله في أولادكم [ 11 ]

                                                                                                                                                                                                                                        خبر فيه معنى الإلزام ، ثم بين الذي أوصاهم به فقال : للذكر مثل حظ الأنثيين " مثل " رفع بالابتداء أو بالصفة ، ويجوز النصب في غير القرآن على إضمار فعل . فإن كن نساء خبر كان أي فإن كان الأولاد نساء فوق اثنتين قال أبو جعفر : قد ذكرنا فيه أقوالا ، منها : أن فوقا زائدة ، وهو خطأ لأن الظروف ليست مما يزداد لغير معنى . ومنها : الاحتجاج للأخوات ، ولا حجة فيه لأن ذلك إجماع فهو مسلم لذلك . ومنها : أنه إجماع ، وهو مردود لأن الصحيح عن ابن عباس أنه أعطى البنين النصف لأن الله - جل وعز - قال : فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك قال : فلا أعطي البنتين الثلثين . ومنها : أن أبا العباس قال : في الآية ما يدل على أن للبنتين الثلثين ، قال : لما كان للواحد مع الابن الواحد الثلث ، علمنا أن للابنتين الثلثين . وهذا الاحتجاج عند أهل النظر غلط ؛ لأن الاختلاف في البنتين وليس في الواحدة ، فيقول مخالفه : إذا ترك ابنتين وابنا ، فللبنتين النصف ، فهذا دليل على أن هذا فرضهما ، وأقوى الاحتجاج في أن للبنتين الثلثين الحديث المروي . لغة أهل الحجاز وبني أسد : الثلث والربع إلى العشر ، ولغة بني تميم وربيعة : الثلث بإسكان اللام إلى العشر . ويقال : ثلثت القوم أثلثهم ، وثلثت الدراهم أثلثها ؛ إذا أتممتها ثلاثة ، وأثلثت هي إلا أنهم قالوا في المائة والألف : مأيتها وأمأت وآلفتها وألفت . وإن كانت واحدة فلها النصف [ ص: 440 ] وهذه قراءة حسنة ، أي وإن كانت المولودة واحدة ، مثل " فإن كن نساء " ، وقرأ أهل المدينة : ( وإن كانت واحدة ) تكون " كانت " بمعنى وقعت ، مثل : كان الأمر . وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي : ( فلها النصف ) . وقرأ أهل الكوفة : ( فلإمه الثلث ) وهذه لغة حكاها سيبويه . قال الكسائي : هي لغة كثير من هوازن وهذيل . قال أبو جعفر : لما كانت اللام مكسورة ، وكانت متصلة بالحرف ؛ كرهوا ضمة بعد كسرة ، فأبدلوا من الضمة كسرة ؛ لأنه ليس في الكلام " فعل " ، ومن ضم جاء به على الأصل ، ولأن اللام تنفصل لأنها داخلة على الاسم . قرأ مجاهد ، وعاصم ، وابن كثير : ( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) على ما لم يسم فاعله . وقرأ الحسن : ( يوصى بها ) على التكثير . ( فريضة ) مصدر ( إن الله ) اسم إن ( كان عليما ) خبر كان ، واسم كان فيها مضمر ، والجملة خبر إن ، ويجوز في غير القرآن " إن الله كان عليم حكيم " على إلغاء كان . وأهل التفسير يقولون : معنى " كان عليما حكيما " : لم يزل . ومذهب سيبويه أنهم رأوا حكمة وعلما ، فقيل لهم : إن الله كان كذلك . وقال أبو العباس : ليس في قوله " كان " دليل على نفي الحال والمستقبل . وقيل : " كان " يخبر بها عن الحال ، كما قال - جل وعز - : كيف نكلم من كان في المهد صبيا

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية