الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب في الجهاد سألت الشافعي عن القوم يدخلون بلاد الحرب أيخربون العامر ويقطعون الشجر المثمر ؟ ويحرقونه والنخل والبهائم أو يكره ذلك كله ؟ ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أما كل ما لا روح فيه من شجر مثمر وبناء عامر وغيره فيخربونه ويهدمونه ويقطعونه وأما ذوات الأرواح فلا يقتل منها شيء إلا ما كان يحل بالذبح ليؤكل فقلت : له وما الحجة في ذلك وقد كره أبو بكر الصديق أن يخرب عامرا أو يقطع مثمرا أو يحرق نخلا أو يعقر شاة أو بعيرا إلا لمأكلة وأنت أخبرتنا بذلك عن مالك عن يحيى بن سعيد أن [ ص: 242 ] أبا بكر الصديق أوصى يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام فقال الشافعي : هذا من حديث مالك منقطع وقد يعرفه أهل الشام بإسناد أحسن من هذا فقلت للشافعي : وقد روى أصحابنا سوى هذا عن أبي بكر فبأي شيء تخالفه أنت ؟ فقال : بالثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حرق أموال بني النضير وقطع وهدم لهم وحرق وقطع بخيبر ثم قطع بالطائف وهي آخر غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل بها ، فقلت للشافعي : فكيف كرهت عقر ذوات الأرواح وتحريقها إلا لتؤكل ؟ فقال : بالسنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من قتل عصفورا بغير حقها حوسب بها قيل : وما حقها قال : يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها فيلقيه } فرأيت إباحة قتل البهائم المأكولة غير العدو منها في الكتاب والسنة إنما هو أن تصاد فتؤكل أو تذبح فتؤكل وقد نهى عن تعذيب ذوات الأرواح ( قال الشافعي ) : رحمه الله فقال : فإنا نقول شبيها بما قلت ، قلت : قد خالفتم ما رويتم عن أبي بكر فقد خالفتموه بما وصفت فما أعرف ما ذهب إليه الذي اتبعناه فقلت : إن كان خالفه لما وصفت مما روي عن أبي بكر لأنه رأى أنه ليس لأحد أن يخالف ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فهكذا ينبغي أن يقول أبدا يترك مرة حديث رسول الله بقول الواحد من أصحاب رسول الله ثم يترك قول ذلك الواحد لرأي نفسه فالعمل إذا إليه يفعل فيه ما شاء وليس ذلك لأحد من أهل دهرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية