الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2622 [ ص: 286 ] 30 - باب: وقف الأرض للمسجد

                                                                                                                                                                                                                              2774 - حدثنا إسحاق ، حدثنا عبد الصمد قال : سمعت أبي ، حدثنا أبو التياح قال : حدثني أنس بن مالك -رضي الله عنه : - لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أمر بالمسجد وقال : " يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا " . قالوا : لا والله ، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله . [انظر : 234 - مسلم: 524 - فتح: 5 \ 404]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث أنس : لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة أمر بالمسجد وقال : "يا بني النجار ، ثامنوني بحائطكم هذا " . قالوا : لا والله ، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف وترجم عليه بعد باب : إذا قال الواقف : لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز ، وهو حجة على أبي حنيفة في إبطاله الأوقاف والأحباس ; لأن الأمة مجمعة أن من جعل أرضا له مسجدا للمسلمين في صحته فإنه ليس لورثته ردها ميراثا بينهم . وقال أبو حنيفة في الرجل يحبس داره على المساكين يسكنونها : إنها ترجع ميراثا بين ورثته ، ويجيز ذلك إن فعله في مرضه أو في وصيته ، ويكون في ثلثه ، فإن قال : إن المسجد لا يجوز له ولا لورثته الرجوع فيه بعد أن أخرجه في صحته وجعله مسجدا لجماعة المسلمين .

                                                                                                                                                                                                                              فيقال له : ما الفرق بين جعله مسجدا أو سقاية أو مقبرة أو مرفقا لجماعة المسلمين ؟ وهل بينك وبين من عكس هذا عليك فأجاز ما أبطلت وأبطل ما أجزت فرق من أصل أو قياس ؟ فليس تقول في شيء من

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 287 ] ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله ، وقد أجاز العلماء أوقاف أهل الذمة ولم يرو نقضها ، فكيف أهل الإسلام ؟ وسئل أبو الحسن علي بن ميسرة البغدادي عن رجل كان له على نصراني دين ، فأفلس النصراني ولا مال له سوى وقفه على أهل ملته قبل استحداثه الدين ، هل يجوز نقض الوقف وأخذ المسلم له قضاء من دينه أم لا ؟ فأجاب : بأن أهل الذمة ليست أملاكهم مسندة ، وإنما لهم شبهة ملك على ما في أيديهم ، فإذا اختاروا رفع أيديهم عن الشبه ارتفعت ، ولم يعترض عليهم في نقض ما عقدوه مما لو كان في شريعتنا لم يجز نقضه ; لأنهم على ذلك صولحوا ، ولما جاز إقرارهم على غير دين الحق إذا أعطوا الجزية وجب ألا يعترض عليهم في نقض وقف ولا غيره مما يتعلق بحق الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية