الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا

                                                                                                                                                                                                                                      سيقول المخلفون أي: المذكورون وقوله تعالى: إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ظرف لما قبله لا شرط لما بعده أي: سيقولون عند انطلاقكم إلى مغانم خيبر لتحوزوها حسبما وعدكم إياها وخصكم بها عوضا مما فاتكم من غنائم مكة . ذرونا نتبعكم إلى خيبر ونشهد معكم قتال أهلها. يريدون أن يبدلوا كلام الله بأن يشاركوا في الغنائم التي خصها بأهل الحديبية فإنه عليه الصلاة والسلام رجع من الحديبية في ذي الحجة من سنة ست وأقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم من سنة سبع ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وغنم أموالا كثيرة فخصها بهم حسبما أمره الله عز وجل، وقرئ "كلم الله" وهو جمع كلمة. وأيا ما كان; فالمراد: ما ذكر من وعده تعالى غنائم خيبر لأهل الحديبية خاصة لا قوله تعالى: لن تخرجوا معي أبدا فإن ذلك في غزوة تبوك. قل إقناطا لهم. لن تتبعونا أي: لا تتبعونا فإنه نفي في معنى النهي للمبالغة. كذلكم قال الله من قبل أي: عند الانصراف من الحديبية. فسيقولون للمؤمنين عند سماع هذا النهي. بل تحسدوننا أي: ليس ذلك النهي حكم الله بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنائم، وقرئ "تحسدوننا" بكسر السين وقوله تعالى: بل كانوا لا يفقهون أي: لا يفهمون. إلا قليلا إلا فهما قليلا وهو فطنتهم لأمور الدنيا رد لقولهم الباطل ووصف لهم بما هو أعظم من الحسد وأطم من الجهل [ ص: 109 ] المفرط وسوء الفهم في أمور الدين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية