الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الاشتراك في الذهب والفضة وما يكون فيه الصرف

                                                                                                                                                                                                        2365 حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم عن عثمان يعني ابن الأسود قال أخبرني سليمان بن أبي مسلم قال سألت أبا المنهال عن الصرف يدا بيد فقال اشتريت أنا وشريك لي شيئا يدا بيد ونسيئة فجاءنا البراء بن عازب فسألناه فقال فعلت أنا وشريكي زيد بن أرقم وسألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال ما كان يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فذروه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب الاشتراك في الذهب والفضة وما يكون فيه الصرف ) قال ابن بطال : أجمعوا على أن الشركة الصحيحة أن يخرج كل واحد مثل ما أخرج صاحبه ثم يخلطا ذلك حتى لا يتميز ثم يتصرفا جميعا ، إلا أن يقيم كل واحد منهما الآخر مقام نفسه . وأجمعوا على أن الشركة بالدراهم والدنانير جائزة ، لكن اختلفوا إذا كانت الدنانير من أحدهما والدراهم من الآخر ، فمنعه الشافعي ومالك في المشهور عنه والكوفيون إلا الثوري ا هـ ، وزاد الشافعي أن لا تختلف الصفة أيضا كالصحاح والمكسرة ، وإطلاق البخاري الترجمة يشعر بجنوحه إلى قول الثوري ، وقوله : " وما يكون في الصرف " أي كالدراهم المغشوشة والتبر وغير ذلك ، وقد اختلف العلماء في ذلك فقال الأكثر : يصح في كل مثلي وهو الأصح عند الشافعية ، وقيل يختص بالنقد المضروب . وأورد المصنف في الباب حديث البراء في الصرف ، وقد تقدم في أوائل البيوع وفي باب بيع الورق بالذهب نسيئة ، وتقدم بعض الكلام عليه هناك .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 160 ] قوله : ( حدثنا أبو عاصم ) هو النبيل شيخ البخاري ، وروى هنا وفي عدة مواضع عنه بواسطة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( اشتريت أنا وشريك لي ) لم أقف على اسمه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( شيئا يدا بيد ونسيئة ) تقدم في أوائل البيوع بلفظ " كنت أتجر في الصرف " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ما كان يدا بيد فخذوه وما كان نسيئة فردوه ) في رواية كريمة " فذروه " بتقديم الذال المعجمة وتخفيف الراء أي اتركوه ، وفي رواية النسفي " ردوه " بدون الفاء ، وحذفها في مثل هذا وإثباتها جائز ، واستدل به على جواز تفريق الصفقة فيصح الصحيح منها ويبطل ما لا يصح ، وفيه نظر لاحتمال أن يكون أشار إلى عقدين مختلفين ويؤيد هذا الاحتمال ما سيأتي في " باب الهجرة إلى المدينة " من وجه آخر عن أبي المنهال قال : " باع شريك لي دراهم في السوق نسيئة إلى الموسم " فذكر الحديث وفيه قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ونحن نتبايع هذا البيع فقال : ما كان يدا بيد فليس به بأس ، وما كان نسيئة فلا يصلح فعلى هذا فمعنى قوله : " ما كان يدا بيد فخذوه " أي ما وقع لكم فيه التقابض في المجلس فهو صحيح فأمضوه ، وما لم يقع لكم فيه التقابض فليس بصحيح فاتركوه ، ولا يلزم من ذلك أن يكونا جميعا في عقد واحد . والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية