الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ثم شرع في الكلام على أحكامه وهي ثلاثة : أحدها ما يبطله غير الحدث المبطل له فقال ( ومن تيمم لفقد ماء فوجده ) أو توهمه بطل تيممه كما يأتي [ ص: 305 ] وإن زال سريعا لوجوب طلبه ولأنه لم يشرع في المقصود ، بخلاف توهمه السترة لعدم وجوب طلبها لأن الغالب عدم وجدانها بالطلب للضنة بها ، ويحصل التوهم برؤية سراب أو غمامة مطبقة بقربه أو ركب طلع أو نحوها ، فلو سمع قائلا يقول عندي ماء لغائب أو ماء نجس أو مستعمل أو ماء ورد بطل تيممه كما صرح به الزركشي وابن قاضي شهبة أو عندي لفلان ماء وهو يعلم غيبته فلا ، فإن كان يعلم حضوره أو لم يعلم من حاله شيئا بطل لوجوب السؤال عنه ومحل بطلانه بالتوهم إن بقي من الوقت زمن لو سعى فيه إلى ذلك لأمكنه التطهر به والصلاة فيه .

                                                                                                                            قال في الخادم : ولو قال لفلان عندي من ثمن خمر ماء بطل تيممه لوجوب البحث عن صاحب الماء وطلبه منه .

                                                                                                                            قال : ولو سمع قائلا يقول عندي للعطش ماء لم يبطل تيممه ، بخلاف عندي ماء للعطش أو يحتمل البطلان في الأولى لاحتمال أن يعده لعطش غير محترم ، ونظيره عندي ماء لوضوئي أو لوضوئي ماء فيبطل في الأولى دون الثانية ، وإنما عبر بالوجدان هنا لعطفه عليه قوله أو في صلاة وهي إنما تبطل بالوجدان لا بالتوهم ( إن لم يكن في صلاة بطل ) تيممه ، وشمل ذلك ما لو وجده في أثناء تكبيرة الإحرام كما جزم به الرافعي في كلامه على نية التحرم .

                                                                                                                            والأصل في ذلك خبر أبي داود { التراب كافيك ، ولو لم تجد الماء عشر حجج ، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك } وخرج ما إذا كان في صلاة فلا تبطل [ ص: 306 ] بتوهم ولا شك ولا ظن ، واحترز بقوله لفقد ماء عما إذا كان لمرض ونحوه فلا يبطل تيممه إلا بالقدرة على استعماله ، ولا أثر لوجوده قبلها ، وإنما يبطله وجود الماء أو توهمه ( إن لم يقترن ) وجوده ( بمانع كعطش ) وسبع وتعذر استقاء ، إذ وجوده حينئذ كالعدم .

                                                                                                                            [ فرع ] ذكر شارح هنا كلاما عن الحنفية أنه لو مر نائم ممكن بماء ثم تنبه وعلمه بعد بعده عنه هل يبطل تيممه ولم يبين حكم ذلك عندنا ، والأقرب أخذا من كلامهم فيما لو أدرج ماء في رحله ولم يقصر في طلبه أو كان بقربه بئر خفية فتيمم غير عالم بها وانتقل عنها أو رأى واطئ متيممة الماء دونها عدم بطلان تيممه ( أو ) وجده ( في صلاة ) فرضا أو نفلا كصلاة جنازة أو عيد ( لا يسقط ) أي لا يسقط قضاؤها ( به ) أي بالتيمم بأن كانت بمكان يندر فيه فقد الماء ( بطلت ) صلاته وتيممه ( على المشهور ) إذ لا فائدة في استمراره مع لزوم الإعادة ، والثاني لا تبطل محافظة على حرمتها ويعيدها ( وإن أسقطها ) أي أسقط التيمم قضاءها ( فلا ) تبطل صلاته لتلبسه بالمقصود من غير مانع من استمراره كوجود المكفر الرقبة في الصوم ، ولأن إحباطها أشد من يسير غبن شرائه ويخالف الستر فإنه يجب قطعا إذ لم يأت ببدل ، ولأن وجود الماء ليس بحدث غير أنه مانع من ابتداء التيمم ، وليس كالمصلي بالخف فيتخرق فيها لأنه لا يجوز بحال افتتاحها مع تخرقه لا سيما مع نسبته إلى تقصير بعدم تعهده ، [ ص: 307 ] ولا كالمعتدة بالأشهر لو حاضت فيها لقدرتها على الأصل قبل الفراغ من البدل ، بخلاف المتيمم فيهما ( وقيل يبطل النفل ) الذي يسقط بالتيمم لقصور حرمته عن حرمة الفرض ، إذ الفرض يلزم بالشروع فيه ، بخلاف النفل ، ولو وجد الماء في صلاة تسقط بالتيمم وهو مسافر قاصر فنوى الإقامة ، أو كانت مقصورة فنوى إتمامها بطلت تغليبا لحكم الإقامة في الأولى ولحدوث ما لم يستبحه فيها في الثانية ، لأن الإتمام كافتتاح صلاة أخرى ، فلو تأخرت الرؤية للماء عن نية الإقامة أو الإتمام لم تبطل صلاته ، ولو قارنت الرؤية الإقامة أو الإتمام كانت كتقدمها فتضر كما تقتضيه عبارة ابن المقري وهو المعتمد كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ، وشفاء المريض من مرضه في الصلاة كوجدان الماء في التفصيل المار ( والأصح أن قطعها ) أي الفريضة التي تسقط بالتيمم ، ويجوز حمل كلامه على الصلاة التي تسقط بالتيمم ولو نفلا ، وإنما حملنا عبارته على الفرض لأن من جملة مقابل الأصح وجها بحرمة القطع وهو لا يأتي في النفل .

                                                                                                                            والثاني إتمامها أفضل ( ليتوضأ ) ويصلي بدلها ( أفضل ) من إتمامها كوجود المكفر الرقبة في أثناء الصوم [ ص: 308 ] وليخرج من خلاف من حرم إتمامها .

                                                                                                                            قال في التنقيح : أو قلبها نفلا ، وقد يقال : الأفضل قلبها نفلا ، فإن لم يفعل فالأفضل الخروج منها .

                                                                                                                            قال الأذرعي : وكأنه أراد أن أصح الأوجه إما هذا أو هذا لا أن ذلك مقالة واحدة ، ولم أر من رجح قلبها نفلا ، وعلم أيضا أن إطلاق القول بأن قطعها أفضل يفهم أنه لا فرق بين أن يكون في جماعة أو منفردا ، ويظهر أن يقال إن ابتدأها في جماعة ولو قطعها وتوضأ لا انفرد ، فالمضي فيها مع الجماعة أفضل وإن ابتدأها منفردا ، ولو قطعها وتوضأ لصلاها في جماعة أو ابتدأها في جماعة ، ولو قطعها وتوضأ لصلاها في جماعة أو ابتدأها منفردا ، ولو قطعها وتوضأ لصلاها منفردا فقطعها أفضل ، ومحل جواز قطع الفريضة ما لم يضق وقتها فإن ضاق حرم لئلا يخرجها عن وقتها مع قدرته على أدائها فيه كما جزم به في التحقيق ونقله في المجموع عن الإمام ، وقال إنه متعين ، ولا أعلم أحدا يخالفه وإن جعله في الروضة وجها ضعيفا .

                                                                                                                            ولو يمم ميت وصلي عليه ثم وجد الماء كان حكم تيممه كتيمم الحي ، وحكم الصلاة عليه حكم غيرها من الصلوات . [ ص: 309 ]

                                                                                                                            وقول ابن خيران : ليس لحاضر أن يتيمم ويصلي على الميت مردود ، قيل حيث لم يكن ثم غيره ، وإن أمكن توجيهه بأن صلاته لا تغني عن الإعادة وليس هنا وقت مضيق يكون بعده قضاء حتى يفعلها لحرمته بأن وقتها الواجب فعلها فيه أصالة قبل الدفن فتعين فعلها قبله لحرمته ثم بعده إذا رأى الماء لإسقاط الفرض .

                                                                                                                            على أن عبارته أولت بأنها في حاضر : أي أو مسافر واجد للماء خاف لو توضأ فاتته صلاة الجنازة فهذا لا يتيمم عندنا خلافا لأبي حنيفة .

                                                                                                                            أما إذا كان ثم من يحصل به الفرض فليس له التيمم لفعلها لأنه لا ضرورة به إليه انتهى .

                                                                                                                            هذا والأوجه جواز صلاته عليه مطلقا وإن كان ثم من يحصل الفرض به .

                                                                                                                            ويبطل التيمم بسلامه من صلاة تسقط به برؤيته فيها وإن علم تلفه قبل سلامه لضعفه برؤية الماء وكان مقتضى الحال بطلانها لكن خالفناه لحرمتها ، ويسلم الثانية لأنها من جملة الصلاة في الثواب وليست منها عند عروض المنافي .

                                                                                                                            ولو رأت حائض متيممة لفقد الماء ماء وهو يجامعها نزع وجوبا لبطلان طهرها حيث علم برؤيتها ، لا إن رآه هو فلا يجب نزعه لبقاء طهرها خلافا لصاحب [ ص: 310 ] الأنوار ، ولو رأى ماء في أثناء قراءة قد تيمم لها بطل تيممه بالرؤية ، لا فرق في ذلك بين أن ينوي قراءة قدر معلوم أم لا لعدم ارتباط بعضها ببعض كما قاله الروياني ( و ) الأصح ( أن ) ( المتنفل ) الواجد للماء في صلاة الذي لم ينو قدرا ( لا يجاوز ركعتين ) لأنه الأحب والمعهود في النفل ، فالزيادة عليهما كافتتاح صلاته بعد وجود الماء لافتقارها إلى قصد جديد .

                                                                                                                            نعم لو وجده في ثالثة أتمها لأنها لا تتبعض كما قاله القاضي أبو الطيب والروياني ، والثالثة مثال فما فوقها له حكمها ( إلا من نوى عددا ) أي شيئا ولو ركعة كما هو اصطلاح الفقهاء ، فالاعتراض عليه باصطلاح الحساب غير سديد ( فيتمه ) كالفرض لانعقاد نيته على ما نواه ، ولا يزيد عليه ، إذ الزيادة كافتتاح صلاة أخرى بعد وجود الماء لافتقارها إلى قصد جديد ، ولو رأى الماء في أثناء طوافه توضأ بناء على جواز تفريقه ، وهو الأصح كما قاله الفوراني ، ومقابل الأصح في الأول أنه يجاوز ركعتين بما شاء ، وفي الثاني أنه لا يجاوز ركعتين .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو توهمه ) منه ما لو توهم زوال المانع الحسي كأن توهم زوال [ ص: 305 ] السبع فيبطل تيممه لوجوب البحث عن ذلك ، بخلاف توهم زوال المانع الشرعي كتوهم الشفاء فلا يبطل به التيمم كما تقدم للشارح قبيل الفصل في قوله بخلاف ما لو رفع الساتر لتوهم البرء فبان خلافه فإنه لا يبطل تيممه ، ومنه كما قاله حج في شرح العباب ما لو رأى رجلا لابسا إذا احتمل أن تحت ثيابه ماء ( قوله : وإن زال ) أي توهمه ( قوله بخلاف توهمه السترة ) أي فلا تبطل به صلاته مطلقا ، وعلى هذا فكان الأولى تأخير هذه الجملة للكلام على بطلان الصلاة كما فعل حج ، ثم قال : ومع ذلك فلا فرق بين توهم السترة وتوهم الماء بل هما على حد سواء في أن الصلاة لا تبطل بواحد منهما ، وبالجملة فالفرق إنما هو من جهة أن السترة إذا توهمها لا يجب طلبها ، بخلاف الماء فيمتنع عليه الإحرام بالصلاة إذا توهم الماء ، ولا يمتنع عليه الإحرام بها إذا توهم السترة .

                                                                                                                            فالحاصل أنه إذا توهم الماء قبل الإحرام امتنع عليه الإحرام بها ، بخلاف ما لو توهم السترة ، والفرق وجوب طلب الماء وعدم وجوب طلب السترة ، ومثل ذلك توهمه البرء أيضا فلا يبطل به التيمم وإنما يبطل به بالعلم كما يأتي في قوله واحترز بقوله لفقد ماء إلخ ( قوله : للضنة ) أي البخل ( قوله : سراب ) وهو ما يرى وسط النهار يشبه الماء وليس بماء كما في القاموس وعبارة شيخ الإسلام على البهجة في شرح قول المصنف نحو طلوع الركب أو آل إلخ ما نصه : والآل السراب أو ما يوجد أول النهار ، قاله صاحب القاموس .

                                                                                                                            وقال الجوهري : هو ما يرى أول النهار وآخره كأنه يرفع الشخوص وليس هو السراب وكل صحيح هنا ( قوله : يعلم غيبته ) أي وعدم رضاه بأخذه حج ومفهومه البطلان بالشك في الصورتين ( قوله : أو لم يعلم من حاله شيئا ) ومثله في البطلان ما لو قال عندي لحاضر ماء فيبطل تيممه لوجوب السؤال عنه ( قوله لأمكنه التطهر ) فلو ضاق الوقت عن ذلك لم يبطل تيممه ( قوله : والصلاة فيه ) أي بتمامها حج وهو مقتضى تعبير الشارح بالصلاة ( قوله : عن صاحب الماء ) أي الذي اشتراه واضع اليد على الماء منه بثمن الخمر ( قوله لم يبطل تيممه ) معتمد ( قوله : ويحتمل البطلان ) ضعيف ( قوله : في الأولى ) هي قوله عندي للعطش ماء ( قوله : وشمل ذلك ) أي عدم كونه في صلاة ( قوله : تكبيرة الإحرام ) أي ولو مع الراء من أكبر كما أفهمه قول حج [ ص: 306 ] في بيان عدم البطلان بأن كان بعد تمام الراء من تكبيرة الإحرام ( قوله : قبلها ) أي القدرة ( قوله : فرع ذكر شارح هنا كلاما عن الحنفية إلخ ) في نسخة بدل ما ذكر وذكر بعض الشراح عن الحنفية أنه لو مر نائم ممكن بماء ثم تنبه وعلمه بعد بعده إلخ ( قوله : ولم يبين ) أي البعض ( قوله : عدم بطلان تيممه ) قال سم على منهج نقلا عن م ر بعد ما ذكر : لعدم علمه وشعوره كما لو كان هناك بئر خفية فإنه لا يبطل تيممه ولا قضاء عليه وقد يفرق بتقصير النائم بخلاف البئر الخفية ا هـ .

                                                                                                                            قلت : وقد يدفع الفرق بعدم بطلان تيمم الممكنة حيث لم تر الماء فإنها أقرب للعلم به من النائم .

                                                                                                                            [ تنبيه ] لو رعف في الصلاة ووجد ما يكفي الدم فقط بطل تيممه .

                                                                                                                            قال شيخنا كذا ذكره في العباب .

                                                                                                                            قال الوالد رحمه الله : ولا وجه لبطلان تيممه ، ويمكن الجواب عنه بأن يحمل ذلك على ما إذا كان كافيا للدم فقط من نفس الأمر وتردد هو في كونه فاضلا عنه أو لا فيبطل تيممه لذلك ا هـ حواشي شرح الروض ( قوله بطلت صلاته وتيممه ) عبارة حج بطلت الصلاة لبطلان تيممها كما علم من سياق كلامه ، إذ البحث في مبطله لا مبطلها فلا اعتراض عليه ا هـ : أي بأنه كان الأولى أن يقول بطل : أي التيمم ( قوله : إذ لا فائدة إلخ ) هذا التعليل لا يأتي في النافلة فتأمل ، وعليه فكان الأولى أن يقول مع طلب الإعادة إلا أن يقال : هذا تعليل لبطلان الفرض الواقع في كلام المصنف ، وبطلان النفل إنما هو بطريق التبعية للفرض وليس معللا في كلامهم بما ذكر ( قوله : على حرمتها ) أي احترامها لأنه يحرم قطعها ( قوله : فلا تبطل صلاته ) استشكل ذلك الإسنوي بما لو أبصر الأعمى في الصلاة بعد التقليد في القبلة ا هـ عميرة .

                                                                                                                            قال في شرح الروض : ويجاب بأنه هنا قد فرغ من البدل وهو التيمم بخلافه ثم فإنه ما دام في الصلاة فهو مقلد ا هـ : أي وبالإبصار زال ما يجوز معه التقليد .

                                                                                                                            قال في حاشية الروض ويجاب أيضا بأن صلاة الأعمى مستندة إلى غيره ، فإذا أبصر وجب عليه الاجتهاد ، ولا يمكن بناء اجتهاده على اجتهاد غيره ( قوله : ولأن ) عطف على قوله لتلبسه بالمقصود ( قوله : إحباطها ) أي إبطالها ( قوله : من يسير غبن شرائه ) وهم لم يكلفوه ذلك لما فيه من المشقة عليه ( قوله : ويخالف ) أي التيمم ( قوله : فإنه يجب ) أي الستر ثم إن أمكنه حالا وفعله استمرت صلاته على الصحة وإلا بطلت ( قوله : ليس بحدث ) أي وإنما بطلت حيث لم تسقط بالتيمم لما مر من أنه لا فائدة [ ص: 307 ] في استمراره مع لزوم الإعادة ( قوله : قبل الفراغ إلخ ) انظر مفهومه بالنسبة للتيمم مع أن وجدان الماء بعد الفراغ من البدل وهو التيمم وقبل الشروع في الصلاة يبطل التيمم فلا بد من رعاية شيء آخر سم على بهجة .

                                                                                                                            وقوله فلا بد إلخ كأن يقال بخلاف ما لو رأته بعد الأشهر فإن البدل وأثره الذي هو كالفراغ من الصلاة هنا انقضى ، بخلاف رؤية الماء بعد التيمم فإن ما طلب التيمم له وهو الصلاة باق وكتب عليه سم على بهجة أيضا وهو منتقض بالقدرة على الرقبة في أثناء الصوم ا هـ .

                                                                                                                            قلت : هو منتقض به كما قال لكنه قد يفرق بينهما بما تقدم للشارح يعني شيخ الإسلام في شرح البهجة الكبير من أنه لو وجبت الرقبة لكان جمعا بين البدل والمبدل ، ولا يرد مثله في الحائض لأنه بطروء الحيض تبين أنها من ذوات الأقراء فما مضى محسوب من العدة ( قوله : النفل ) أي المؤقت وغيره ( قوله : فنوى ) وسيأتي له أن مقارنة نية الإقامة أو الإتمام للرؤية كتأخرها فتبطل به الصلاة ( قوله : في الأولى ) هي قوله قاصر ( قوله : فتضر ) خلافا لحج في المقارنة ( قوله : وشفاء المريض إلخ ) أي حيث علم ، بخلاف ما لو توهمه أو شك فيه أو ظنه فلا تبطل به كما في الماء .

                                                                                                                            ومن شفاء المريض انقطاع دم المستحاضة ( قوله كوجدان الماء إلخ ) أي فإن كانت الصلاة تسقط بالتيمم لم تبطل وإلا بطلت ( قوله : والثاني إلخ ) الأولى تأخيره بعد قول المصنف أفضل ثم رأيته في نسخة كذلك ( قوله : ليتوضأ ويصلي بدلها أفضل ) ظاهره ولو صلاة جنازة وهو قريب إن لم يخش تغير ، فإن خيف عليه تغير ما فالإتمام أفضل بل قد يقال بوجوبه ، ويحتمل أن يقال إن الإتمام أفضل وإن لم يخش تغير أصلا مسارعة إلى دفنه ( قوله : في أثناء الصوم ) أي فإن إعتاقها وقطع الصوم أفضل ، وكالصوم الإطعام ، فإذا قدر على غيره بعد الشروع فيه لا يجب العود له ، وينبغي أنه أفضل كما لو قدر على الإعتاق بعد الشروع في الصوم وعبارة الشارح في آخر كتاب الكفارة بعد قول المصنف أو فقيرا نصها ولا أثر لقدرته على صوم أو عتق بعد الإطعام ولو لمد كما لو شرع في صوم يوم من الشهرين فقدر على العتق ا هـ .

                                                                                                                            وقضيته أنه لو قدر على بعض الأمداد فأخرجه ثم قدر على الصوم أو العتق لا يجب العود له ، وإن عجز عن بقية الأمداد بل يستقر الطعام في ذمته إلى القدرة ، ومراد الشارح بالأثناء هنا : ما بعد الشروع ولو في أول يوم ، وهل يقع الصوم فرضا أو نفلا ، ؟ فيه نظر والأقرب الثاني وإن كان نوى به الفرض لئلا يلزم عليه الجمع بين البدل والمبدل وهم يجوزون ذلك ، وبقي ما لو [ ص: 308 ] انقطع تتابع المكفر هل يتعين عليه العتق حيث وجد الرقبة أم يستأنف ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول ( قوله قال ) أي المصنف ( قوله : أو قلبها ) عطف على قول المصنف قطعها ( قوله : أما هذا ) راجع لقوله قطعها ، وقوله أو هذا راجع لقوله أو قلبها ( قوله : لا أن ذلك ) أي الأحد الدائر ( قوله : مقالة واحدة ) قد يخالفه ما في الدميري فإنه بعد أن ذكر الأصح ومقابله قال : والثالث الأفضل أن يقلب فرضه نفلا ويسلم من ركعتين ا هـ ، وهو صريح في أن الأول : الأفضل قطعها لا قلبها نفلا مطلقا ، وقد يجاب بأن كون الثالث يقول الأفضل قلبها نفلا لا ينافي ما ذكره لأنه لم ير من رجح قلبها نفلا ، بل قوله لم أر من رجح مشعر بأنه رأى من قال به هذا ، وقوله وكأنه أراد أن أصح الأوجه إلخ يقتضي أن كونه أراد ما هذا أو هذا لا يكون مقالة واحدة ، وفيه تأمل فإن مفاده التخيير بين هذين الأمرين والتخيير بينهما مقالة واحدة ، وإنما ينتفي كونه مقالة واحدة إذا كان بعضهم يقول إن قلبها نفلا أفضل .

                                                                                                                            وبعضهم يقول إن قطعها أفضل وهو لم ينقله ، ويمكن أن يقال إن في المسألة أوجها : منها أن قلبها نفلا أفضل .

                                                                                                                            ومنها أن قطعها أفضل ، ومنها غير ذلك وهو ضعيف ، ويبقى الأولان وأحدهما لا بعينه هو الأصح .

                                                                                                                            والحاصل أنه يحمل عبارة النووي على أن يقول ما عدا الوجهين الأولين ضعيف ، وأما الأولان فأحدهما هو الأصح لكن لم يتحرر للشارح خصوص الأصح منهما ( قوله : أفضل ) خلافا لحج ( قوله في جماعة ) ظاهره ولو كانت الثانية مفضولة ، وينبغي تخصيصه بما إذا استويا أو كانت الثانية أفضل من الأولى ( قوله : فإن ضاق ) أي عما يسعها كاملة حج ، لكن قال قم عن الشارح : إنه مال إلى أن المراد ضيق الوقت عن وقوعها أداء حتى لو كان إذا قطعها وتوضأ أدرك ركعة في الوقت قطعها ، واستدل على ذلك بعبارة الناشري في ذلك ، وما نقله سم عنه يفهم من قوله لئلا إلخ ( قوله : ضعيفا ) قب في شرح الإرشاد لشيخنا ، وبتأمله يعلم أنه لم يضعفه إلا من حيث إن مقتضاه جواز قطع الفرض مطلقا من غير فرق بين المتيمم وغيره قبل ضيق الوقت ، ثم رأيته في الإسعاد أشار لذلك ا هـ .

                                                                                                                            ( قوله : ولو يمم ميت ) قال سم على حج : ولو تيمم ويمم الميت وصلى عليه بحيث لا تسقط الصلاة بالتيمم ثم دفنه ثم وجد الماء توضأ وصلى على قبره ، وهل تتوقف على نبش الميت وغسله حيث لم يتغير ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            وقال م ر : ينبغي أن تتوقف وتقدم عن الشارح ما قد يقتضي خلافه ا هـ .

                                                                                                                            أقول : والأقرب ما تقدم عن حج وقد يؤخذ ذلك من كلام المنهاج في الجنائز حيث قال : متى دفن بلا غسل وجب نبشه وغسله ما لم يتغير ( قوله : كتيمم الحي ) أي فإن [ ص: 309 ] كان في محل يغلب فيه فقد الماء أو يستوي فيه الأمران فلا إعادة ، وإلا وجب غسله والصلاة عليه ( قوله : وقول ابن خيران ) هذا قد يشعر بأنه تعقب لما قبله ولم يظهر فيه ذلك ، فالظاهر أنه كلام مستأنف قصد به بيان حكم تيمم الحي ( قوله : حيث ) ظرف لقوله مردود ( قوله : بأن وقتها ) صلة مردود ( قوله : قبله ) أي الدفن ( قوله : جواز صلاته ) أي المتيمم ( قوله : عليه ) أي الميت ( قوله : مطلقا ) أي في محل يغلب فيه فقد الماء أم لا لكن إذا لم تسقط الصلاة بفعله وكان ثم من تسقط بفعله وجب على من تسقط بفعله وصحت لمن لا تسقط بفعله كنافلته ( قوله تسقط به ) أي التيمم ( قوله : ويسلم الثانية ) قال حج بعد ما ذكر : لا سجود سهو تذكره بعدها وإن قرب الفصل لفصله عنها بالسلام صورة وإن بان بالعود لو جاز أنه لم يخرج به ا هـ .

                                                                                                                            ومثله في حاشية شيخنا الزيادي وفي ابن عبد الحق وهو مفهوم من كلام الشارح أيضا حيث اقتصر على التسليمة الثانية ، وبه يعلم ما في كلام شيخنا العلامة الشوبري من التوقف في حج رحمه الله وبقي ما لو تذكر فوات ركن بعد سلامه هل يأتي به أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب أنه إن قصر الفصل أتى به وإلا فلا لأنه كأنه لم يخرج منها ( قوله : لبقاء طهرها ) قال حج لأنه لا يبطل إلا برؤيتها دون رؤيته ا هـ .

                                                                                                                            وكتب عليه سم قوله لأنه إلخ ظاهر كلامهم أنه لا يلزمه إعلامها بوجود الماء ، ووجهه أن طهارتها باقية ، ووطؤه جائز ، وقياس ما هنا أنه لو اقتدى بمتيمم تسقط صلاته بالتيمم ، وقد رأى هو أعني المأموم الماء قبل إحرامه به دون الإمام صح اقتداؤه ولم يكن إعلامه بوجوده لازما ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وفيه أنه قد يقال إن الظاهر من كلامه أنه رأى بعد إحرام الإمام وقبل إحرامه هو ، فإن كان كذلك فلا وجه للتردد لأن الإمام لو رأى الماء لم تبطل صلاته ويصح الاقتداء به مع العلم بأنه رأى الماء ، فأي فائدة في إخبار المأموم له بأنه رأى الماء ؟ نعم إن كان [ ص: 310 ] الضمير في إحرامه راجعا للإمام على معنى أنه قبل إحرام الإمام رأى المأموم الماء اتجه السؤال ( قوله : قد تيمم ) أي بأن كان جنبا ( قوله : لعدم ارتباط بعضها ببعض ) قال سم على البهجة : قد يؤخذ منه عدم البطلان إذا رآه في أثناء جملة يرتبط بعضها ببعض مبتدأ أو خبرا ا هـ .

                                                                                                                            أقول : قد يمنع هذا الأخذ بأن المراد بالارتباط أن لا يعتد بما فعله قبل رؤية الماء لو اقتصر عليه ، وذلك إنما يكون في الصلاة دون غيرها ( قوله : الذي لم ينو قدرا ) هذا التقييد لا يناسب قول المصنف الآتي إلا من نوى عددا فكان الأولى للشارح تبقية المتن على إطلاقه ( قوله : لا يجاوز ) أي لا يجوز له ذلك لما علل به الشارح ( قوله : في ثالثة ) أي بأن وصل إلى حد تجزيه فيه القراءة ، وذلك بأن كان للقيام أقرب إن كان يصلي من قيام ، وبأن يستوي جالسا وإن لم يشرع في القراءة إن كان يصلي من جلوس ، ونقل عن العباب ما يوافقه ( قوله : إلا من نوى إلخ ) قح .

                                                                                                                            أقول : استثناء هذا من عدم مجاوزة ركعتين يتبادر منه أن المثبت به مجاوزتهما فلا يناسب حمل العدد المنوي على ما يشمل الركعة فتأمله ا هـ .

                                                                                                                            وقد يقال هو استثناء منقطع وكأنه قال : ومن نوى عددا يتمه ( قوله : فيتمه ) أي جوازا والأفضل قطعه ليصليه بالوضوء كما يفيده قوله كالفرض ولما مر من بطلانه على وجه ( قوله : تفريقه ) أي الطواف فيتوضأ ويأتي ببقية طوافه لأن الموالاة فيه سنة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : كما يأتي ) [ ص: 305 ] أي بقيده ( قوله : بخلاف توهمه السترة ) يعني توهم المصلي لا بقيد كونه متيمما ( قوله : وشمل ذلك ما لو وجده ) أي أو توهمه ( قوله : وخرج ما إذا كان في صلاة إلخ ) في هذا الصنيع نظر ، ولعل المراد أنه خرج بالتوهم في غير الصلاة الذي زاده التوهم فيها وأن مثل التوهم فيها الشك والظن [ ص: 306 - 307 ] قوله : أو كانت مقصورة ) لا حاجة إليه [ ص: 308 ] قوله : وحكم الصلاة عليه حكم غيرها ) فهم من إطلاقه صحة الصلاة عليه بالتيمم للمسافر ، والحاضر بشرطه ، ولما [ ص: 309 ] كان ابن خيران يخالف في ذلك بالنسبة للحاضر أردف بكلامه ورده فاتضح إيراد كلام ابن خيران عقب هذا واندفع ما في حاشية الشيخ هنا ( قوله : قيل حيث لم يكن ثم غيره ) القائل لهذا القيل هو الشهاب ابن حجر ، فإن هذه عبارته في التحفة إلى قول الشيخ ا هـ . لكن في سياق الشيخ له على هذا الوجه وحكاية جميعه بقيل مع أن الضعيف عند الشارح إنما هو تقييده بقوله حيث لم يمكن ثم غيره نظر لا يخفى ، وصدر عبارة الشهاب المذكور وقول ابن خيران ليس لحاضر أن يتيمم ويصلي على الميت مردود حيث لم يكن ثم غيره وإن أمكن توجيهه إلخ ( قوله : ولو رأت حائض ) أي من انقطع حيضها [ ص: 310 ] قوله : الذي لم ينو قدرا ) لا بد من ذكره هنا خلافا لما في حاشية الشيخ ; لأنه سيعلم من حكاية الشارح للمقابل أن المستثنى ، والمستثنى منه كل منهما مسألة مستقلة لها خلاف يخصها فصورة قول المصنف لا يجاوز ركعتين أنه لم ينو قدرا كما صوره به الشارح وصورة قوله إلا من نوى عددا عكس ذلك ( قوله : أي شيئا ولو ركعة ) كلام مستأنف إذ هو حاصل جوابين مستأنفين فلا يصح أخذ أحدهما غاية في الآخر . والحاصل أنه لما اعترض على المصنف في تعبيره بالعدد بأنه لا يشمل الركعة سلكوا في الجواب عنه مسلكين ، فمنهم من سلم الاعتراض فحول لفظ عدد إلى لفظ شيء ، ومنهم من منع الاعتراض بأنه مبني على طريقة الحساب وأن طريقة الفقهاء تخالف ذلك ، على أن هذا الاعتراض كما قال بعضهم لا يتأتى من أصله حتى يحتاج للجواب عنه ، إذ كلام المصنف مفروض في الزيادة على الركعتين بدليل الاستثناء ، لكنه إنما يتأتى إن جعلنا الاستثناء هنا حقيقيا ، وتقدم في الحاشية قبل هذه أنه ليس كذلك وأنه مسألة مستقلة




                                                                                                                            الخدمات العلمية