ولما توعد المتخلفين بتخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم توعدهم في التقاعد عن هذا الإمام القائم بعده بالحق، وكان أهل الأعذار لا يتيسر لهم ما أريد بهذا الدعاء، وكان الدين مبنيا على الحنيفية السمحة، استأنف قوله تعالى مسكنا لما استثاره الوعيد من روعهم:
nindex.php?page=treesubj&link=28328_29680_30387_30415_30437_32820_8132_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17ليس على الأعمى أي: في تخلفه عن الدعاء إلى الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع غيره من أئمة الدعاء
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17حرج أي: ميل بثقل الإثم لأجل أن عماه موهن لسعيه وجميع بطشه، ولأجل تأكيد المعنى تسكينا لما ثار من روع المؤمن كرر النافي والحرج في كل جملة مستقلة تأكيدا لهذا الأمر فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17ولا على الأعرج وإن كان
[ ص: 314 ] نقصه أدنى من نقص العمى
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17حرج وجعل كل جملة مستقلة تأكيدا لهذا الحكم.
ولما ذكر هذين الأثرين الخاصين لمزيد ضررهما في العاقبة عن كمال الجهاد، عم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17ولا على المريض أي: بأي مرض
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17حرج فلم يخرج أهل هذه الأعذار الذين لم يمنعهم إلا إعذارهم عن أهل
الحديبية، وأطلق الحرج المنفي ليقبل التقدير بالتخلف ولا حاجة لأن حضورهم لا يخلو عن نفع في الجهاد، وذكر هكذا دون أسلوب الاستثناء إيذانا بأنهم لم يدخلوا في الوعيد أصلا حتى يخرجوا منه.
ولما بشر المطيعين لتلك الدعوة وتوعد القاعدين عنها وعذر المعذورين، وكانت إجابة المعذورين جائزة، بل أرفع من قعودهم، ولذلك لم ينف إجابتهم إنما نفى الحرج، قال معمما عاطفا على ما تقديره: فمن تخلف منهم فتخلفه مباح له:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17ومن يطع الله أي: المحيط بجميع صفات الكمال المفيض من آثار صفاته على من يشاء ولو كان ضعيفا، المانع منها من يشاء وإن كان قويا
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17ورسوله من المعذورين وغيرهم فيما ندبا إليه من أي طاعة كانت إجابته
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17يدخله أي: الله الملك الأعظم جزاء له
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17جنات تجري ونبه على قرب منال الماء بإثبات الجار في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17من تحتها الأنهار أي: ففي أي موضع أردت أجريت نهرا
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17ومن يتول أي: كائنا من كان من المخاطبين الآن وغيرهم، عن
[ ص: 315 ] طاعة من الطاعات التي أمرا بها من أي طاعة كانت
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17يعذبه أي: على توليه في الدارين أو إحداهما
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17عذابا أليما وقراءة أهل
المدينة والشام: "ندخله ونعذبه" بالنون أظهر في إرادة العظمة لأجل تعظيم النعمة والنقمة.
وَلَمَّا تَوَعَّدَ الْمُتَخَلِّفِينَ بِتَخَلُّفِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ تَوَعَّدَهُمْ فِي التَّقَاعُدِ عَنْ هَذَا الْإِمَامِ الْقَائِمِ بَعْدَهُ بِالْحَقِّ، وَكَانَ أَهْلُ الْأَعْذَارِ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُمْ مَا أُرِيدَ بِهَذَا الدُّعَاءِ، وَكَانَ الدِّينُ مَبْنِيًّا عَلَى الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، اسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ تَعَالَى مُسَكِّنًا لِمَا اسْتَثَارَهُ الْوَعِيدُ مِنْ رَوْعِهِمْ:
nindex.php?page=treesubj&link=28328_29680_30387_30415_30437_32820_8132_29019nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى أَيْ: فِي تَخَلُّفِهِ عَنِ الدُّعَاءِ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الدُّعَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17حَرَجٌ أَيْ: مَيْلٌ بِثِقْلِ الْإِثْمِ لِأَجْلِ أَنَّ عَمَاهُ مُوهِنٌ لِسَعْيِهِ وَجَمِيعِ بَطْشِهِ، وَلِأَجْلِ تَأْكِيدِ الْمَعْنَى تَسْكِينًا لِمَا ثَارَ مِنْ رَوْعِ الْمُؤْمِنِ كَرَّرَ النَّافِيَ وَالْحَرَجَ فِي كُلِّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ تَأْكِيدًا لِهَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17وَلا عَلَى الأَعْرَجِ وَإِنْ كَانَ
[ ص: 314 ] نَقْصُهُ أَدْنَى مِنْ نَقْصِ الْعَمَى
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17حَرَجٌ وَجَعَلَ كُلَّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةً تَأْكِيدًا لِهَذَا الْحُكْمِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ هَذَيْنِ الْأَثَرَيْنِ الْخَاصَّيْنِ لِمَزِيدِ ضَرَرِهِمَا فِي الْعَاقِبَةِ عَنْ كَمَالِ الْجِهَادِ، عَمَّ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17وَلا عَلَى الْمَرِيضِ أَيْ: بِأَيِّ مَرَضٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17حَرَجٌ فَلَمْ يَخْرُجْ أَهْلُ هَذِهِ الْأَعْذَارِ الَّذِينَ لَمْ يَمْنَعُهُمْ إِلَّا إِعْذَارُهُمْ عَنْ أَهْلِ
الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَطْلَقَ الْحَرَجَ الْمَنْفِيَّ لِيَقْبَلَ التَّقْدِيرَ بِالتَّخَلُّفِ وَلَا حَاجَةَ لِأَنَّ حُضُورَهُمْ لَا يَخْلُو عَنْ نَفْعٍ فِي الْجِهَادِ، وَذُكِرَ هَكَذَا دُونَ أُسْلُوبِ الِاسْتِثْنَاءِ إِيذَانًا بِأَنَّهُمْ لَمْ يَدْخُلُوا فِي الْوَعِيدِ أَصْلًا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهُ.
وَلَمَّا بَشَّرَ الْمُطِيعِينَ لِتِلْكَ الدَّعْوَةِ وَتَوَعَّدَ الْقَاعِدِينَ عَنْهَا وَعَذَرَ الْمَعْذُورِينَ، وَكَانَتْ إِجَابَةُ الْمَعْذُورِينَ جَائِزَةً، بَلْ أَرْفَعَ مِنْ قُعُودِهِمْ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْفِ إِجَابَتَهُمْ إِنَّمَا نَفَى الْحَرَجَ، قَالَ مُعَمِّمًا عَاطِفًا عَلَى مَا تَقْدِيرُهُ: فَمَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ فَتَخَلُّفُهُ مُبَاحٌ لَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ أَيِ: الْمُحِيطَ بِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُفِيضِ مِنْ آثَارِ صِفَاتِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَلَوْ كَانَ ضَعِيفًا، الْمَانِعِ مِنْهَا مَنْ يَشَاءُ وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17وَرَسُولَهُ مِنَ الْمَعْذُورِينَ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا نُدِبَا إِلَيْهِ مِنْ أَيِّ طَاعَةٍ كَانَتْ إِجَابَتُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17يُدْخِلْهُ أَيِ: اللَّهُ الْمَلِكُ الْأَعْظَمُ جَزَاءً لَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17جَنَّاتٍ تَجْرِي وَنَبَّهَ عَلَى قُرْبِ مَنَالِ الْمَاءِ بِإِثْبَاتِ الْجَارِّ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أَيْ: فَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ أَرَدْتَ أَجْرَيْتَ نَهْرًا
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17وَمَنْ يَتَوَلَّ أَيْ: كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ الْآنَ وَغَيْرِهِمْ، عَنْ
[ ص: 315 ] طَاعَةٍ مِنَ الطَّاعَاتِ الَّتِي أَمَرَا بِهَا مِنْ أَيِّ طَاعَةٍ كَانَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17يُعَذِّبْهُ أَيْ: عَلَى تَوَلِّيهِ فِي الدَّارَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=17عَذَابًا أَلِيمًا وَقِرَاءَةُ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ: "نُدْخِلْهُ وَنُعَذِّبْهُ" بِالنُّونِ أَظْهَرُ فِي إِرَادَةِ الْعَظَمَةِ لِأَجْلِ تَعْظِيمِ النِّعْمَةِ وَالنِّقْمَةِ.