الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن كان المحرم صبيا فوطئ عامدا بنيت على القولين : فإن قلنا : إن عمده خطأ فهو كالناسي ، وقد بيناه . وإن قلنا : عمده عمد فسد نسكه ، ووجبت الكفارة ، وعلى من تجب ؟ فيه قولان ( أحدهما ) في ماله ( والثاني ) على الولي ، وقد بيناه في أول الحج ، وهل يجب عليه القضاء ؟ فيه قولان ( أحدهما ) لا يجب لأنها عبادة تتعلق بالبدن ، فلا تجب على الصبي كالصوم والصلاة ( والثاني ) يجب لأن من فسد الحج بوطئه وجب عليه القضاء كالبالغ ، فإن قلنا : يجب فهل يصح منه في حال الصغر ؟ فيه قولان ( أحدهما ) [ ص: 410 ] لا يصح ، لأنه حج واجب ، فلا يصح من الصبي كحجة الإسلام ( والثاني ) يصح لأنه يصح منه أداؤه فصح منه قضاؤه كالبالغ ؟ وإن وطئ العبد في إحرامه عامدا فسد حجه ، ويجب عليه القضاء .

                                      ومن أصحابنا من قال : لا يلزمه لأنه ليس من أهل فرض الحج ، وهذا خطأ لأنه يلزمه الحج بالنذر فلزمه القضاء بالإفساد كالحر ، وهل يصح منه القضاء في حال الرق ؟ على القولين على ما ذكرناه في الصبي . فإن قلنا : إنه يصح منه القضاء ، فهل للسيد منعه منه ؟ يبنى على وجهين في أن القضاء على الفور أم لا ؟ فإن قلنا : إن القضاء على التراخي فله منعه لأن حق السيد على الفور ، فقدم على الحج ، وإن قلنا : إنه على الفور ففيه وجهان ( أحدهما ) أنه لا يملك منعه ، لأنه موجب ما أذن فيه ، وهو الحج ، فصار كما لو أذن فيه ( والثاني ) أنه يملك منعه لأن المأذون فيه حجة صحيحة ، فإن أعتق بعد التحلل من الفاسد وقبل القضاء لم يجز أن يقضي حتى يحج حجة الإسلام ثم يقضي ، وإن أعتق قبل التحلل من الفاسد نظرت - فإن كان بعد الوقوف - مضى في فاسده ثم يحج حجة الإسلام في السنة الثانية ، ثم يحج عن القضاء في السنة الثالثة ، وإن أعتق قبل الوقوف مضى في فاسده ثم يقضي ، ويجزئه ذلك عن القضاء وعن حجة الإسلام ، لأنه لو لم يفسد لكان أداؤه يجزئه عن حجة الإسلام فإذا فسد وجب أن يجزئه قضاؤه عن حجة الإسلام )

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الفصل تقدم بيان جميعه مع فروع كثيرة متعلقة به في أوائل الباب الأول من كتاب الحج وأوضحناه هناك وقول المصنف : بنيت - يعني المسألة - وقوله : في الصبي إذا أفسد حجه بالجماع هل يجب القضاء ؟ فيه قولان ( أحدهما ) لا يجب ، لأنه عبادة تتعلق بالبدن فلا يجب على الصبي كالصوم احترز به عن الزكاة والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية