الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 553 ) فصل : واختلفت الرواية ، هل الأذان أفضل من الإمامة ، أو لا ؟ فروي أن الإمامة أفضل ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم تولاها بنفسه ، وكذلك خلفاؤه ، ولم يتولوا الأذان ، ولا يختارون إلا الأفضل ، ولأن الإمامة يختار لها من هو أكمل حالا وأفضل ، واعتبار فضيلته دليل على فضيلة منزلته . والثانية : الأذان أفضل .

                                                                                                                                            وهو مذهب الشافعي ; لما روينا من الأخبار في فضيلته ، ولما روى أبو هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين } . أخرجه أبو داود ، والنسائي والأمانة أعلى من الضمان ، والمغفرة أعلى من الإرشاد ، ولم يتوله النبي صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه ; لضيق وقتهم عنه ، ولهذا قال عمر ، رضي الله عنه : " لولا الخلافة لأذنت " . وهذا اختيار القاضي ، وابن أبي موسى ، وجماعة من أصحابنا . والله أعلم .

                                                                                                                                            ( 554 ) فصل : والأصل في الأذان ، ما روى محمد بن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، قال : { حدثني أبي عبد الله بن زيد ، قال : لما أمر [ ص: 243 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به لجمع الناس للصلاة ، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده ، فقلت : يا عبد الله ، أتبيع الناقوس ؟ فقال : وما تصنع به ؟ قلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له : بلى ، فقال : تقول : الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . قال : ثم استأخر عني غير بعيد ، ثم قال : تقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت ، فقال : إنها رؤيا حق ، إن شاء الله ، فقم مع بلال ، فألق عليه ما رأيت ، فليؤذن به ، فإنه أندى صوتا منك ، فقمت مع بلال ، فجعلت ألقيه عليه ، ويؤذن به ، فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته ، فخرج يجر رداءه ، فقال يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلله الحمد . } رواه الأثرم ، وأبو داود ، وذكر الترمذي آخره بهذا الإسناد ، وقال : هو حديث حسن صحيح . وأجمعت الأمة على أن الأذان مشروع للصلوات الخمس .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية