الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل - : الرجال قوامون على النساء ؛ الرجل قيم على المرأة فيما يجب لها عليه؛ فأما غير ذلك فلا؛ ويقال : " هذا قيم المرأة؛ وقوامها " ؛ قال الشاعر : [ ص: 47 ]

                                                                                                                                                                                                                                        الله بيني وبين قيمها ... يفر مني بها وأتبع



                                                                                                                                                                                                                                        جعل الله - عز وجل - ذلك للرجال؛ لفضلهم في العلم؛ والتمييز؛ ولإنفاقهم أموالهم في المهور؛ وأقوات النساء.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل - : فالصالحات قانتات ؛ أي : قيمات بحقوق أزواجهن؛ بما حفظ الله ؛ تأويله - والله أعلم - بالشيء الذي يحفظ أمر الله؛ ودين الله؛ ويحتمل أن يكون على معنى " بحفظ الله " ؛ أي : بأن يحفظن الله؛ وهو راجع إلى أمر الله. وقوله : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ؛ " النشوز " : كراهة أحدهما صاحبه؛ يقال : " نشزت المرأة؛ تنشز؛ وتنشز " ؛ جميعا؛ وقد قرئ بهما وإذا قيل انشزوا فانشزوا ؛ " انشزوا " ؛ و " انشزوا " ؛ " فانشزوا " ؛ واشتقاقه من " النشز " ؛ وهو المكان المرتفع من الأرض؛ يقال له : " نشز " ؛ و " نشز " . وقوله - عز وجل - : واهجروهن في المضاجع ؛ أي : في النوم معهن؛ والقرب منهن؛ فإنهن إن كن يحببن أزواجهن شق عليهن الهجران في المضاجع؛ وإن كن مبغضات وافقهن ذلك؛ فكان دليلا على النشوز منهن. [ ص: 48 ] يقال : " هجرت الإنسان؛ والشيء؛ أهجره؛ هجرا؛ وهجرانا " ؛ و " أهجر فلان منصبه؛ يهجره؛ إهجارا " ؛ إذا تكلم بالقبيح؛ و " هجر الرجل هجرا " ؛ إذا هذى؛ و " هجرت البعير؛ أهجره؛ هجرا " ؛ إذا جعلت له هجارا؛ و " الهجار " : حبل يشد في حقو البعير وفي رسغه؛ و " هجرت تهجيرا " ؛ إذا قمت وقت الهاجرة؛ وهو انتصاف النهار؛ فأمر الله - عز وجل - في النساء أن يبدأن بالموعظة أولا؛ ثم بالهجران بعد؛ وإن لم ينجعا فيهن؛ فالضرب؛ ولكن لا يكون ضربا مبرحا؛ فإن أطعن فيما يلتمس منهن؛ فلا يبغى عليهن سبيلا؛ أي : لا يطلب عليهن طريق عنت؛ إن الله كان عليا كبيرا ؛ أي : هو متعال أن يكلف إلا بالحق؛ ومقدار الطاقة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية