الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                      باب من تفسير الهمز

                                                                                                                                                                                                                      58- أما قوله: (ويقتلون النبيين بغير الحق) [و] : (يقتلون الأنبياء) كل ذلك جماعة من العرب تقوله.

                                                                                                                                                                                                                      ومنهم من يقول : (النباء) أولئك الذين يهمزون "النبيء" فيجعلونه مثل "عريف" و"عرفاء". والذين لم يهمزوه جعلوه مثل بنات الياء فصار مثل "وصي" و"أوصياء" ويقولون أيضا: "هم وصيون". وذلك أن العرب تحول الشيء

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 107 ] من الهمزة حتى يصير كبنات الياء، يجتمعون على ترك همزة نحو: "المنساة" ولا يكاد أحد يهمزها إلا في القرآن فإن أكثرهم قرأها بالهمز وبها نقرأ، وهي من "نسأت". وجاء ما كان من "رأيت" على"يفعل" أو "تفعل" أو "نفعل" أو "أفعل" غير مهموز، وذلك أن الحرف الذي كان قبل الهمزة ساكن، فحذفت الهمزة وحرك الحرف الذي قبلها بحركتها كما تقول: "من أبوك؟". قال: (أفتمارونه على ما يرى) وقال: (لترون الجحيم) وقال: (إني أرى ما لا ترون) وقال: (إنا لنراك في ضلال مبين) . وأما قوله: (أرأيت الذي يكذب بالدين) و : (أرأيت إن كان على الهدى) وما كان من "أرأيت" في هذا المعنى ففيه لغتان، منهم من يهمز ومنهم من يقول: "أريت". وإنما يفعل هذا في "أرأيت" هذه التي وضعت للاستفهام لكثرتها. فأما "أرأيت زيدا" إذا أردت "أبصرت زيدا" فلا يتكلم بها إلا مهموزة أو مخففة. ولا يكاد يقال: "أريت" لأن تلك كثرت في الكلام فحذفت كما حذفت "ظريف" يريدون: "أما إنه ظريف"، يحذفون ويقولون أيضا "لهنك لظريف" يريدون: "إنك لظريف". ولكن الهمزة حذفت كما حذفوا في قولهم [ ذي الإصبع الفلواني ]:

                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 108 ]

                                                                                                                                                                                                                      (84) لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب عني ولا أنت دياني فتخزوني

                                                                                                                                                                                                                      وقال الشاعر [ المتوكل الليثي ] :


                                                                                                                                                                                                                      (85) أرأيت إن أهلكت مالي كله     وتركت ما لك فيم أنت تلوم

                                                                                                                                                                                                                      وقال الآخر: [ أبو الأسود الدؤلي ]:


                                                                                                                                                                                                                      (86) أريت امرأ كنت لم أبله     أتاني وقال اتخذني خليلا

                                                                                                                                                                                                                      فلم يهمز. وقال [ العباس بن مرداس ]:


                                                                                                                                                                                                                      (87) يا خاتم النباء إنك مرسل     بالحق كل هدى السبيل هداكا

                                                                                                                                                                                                                      وأما قوله: (بما عصوا) جعله اسما هنا كالعصيان يريد: بعصيانهم، فجعل "ما" و"عصوا" اسما.

                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية