الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ فروع ]

يجب الاستبراء بمشي [ ص: 345 ] أو تنحنح أو نوم على شقه الأيسر ، ويختلف بطباع الناس .

ومع طهارة المغسول تطهر اليد ; ويشترط إزالة الرائحة عنها وعن المخرج إلا إذا عجز ، والناس عنه غافلون، استنجى المتوضئ ، إن على وجه السنة بأن أرخى انتقض وإلا لا .

التالي السابق


مطلب في الفرق بين الاستبراء والاستنقاء والاستنجاء

. ( قوله : يجب الاستبراء إلخ ) هو طلب البراءة من الخارج بشيء مما ذكره الشارح حتى يستيقن بزوال الأثر . وأما الاستنقاء هو طلب النقاوة : وهو أن يدلك المقعدة بالأحجار أو بالأصابع حالة الاستنجاء بالماء . وأما الاستنجاء : فهو استعمال الأحجار أو الماء ، هذا هو الأصح في تفسير هذه الثلاثة كما في الغزنوية . وفيها أن المرأة كالرجل إلا في الاستبراء فإنه لا استبراء عليها ، بل كما فرغت تصبر ساعة لطيفة ثم تستنجي ، ومثله في الإمداد . وعبر بالوجوب تبعا للدرر وغيرها ، وبعضهم عبر بأنه فرض وبعضهم بلفظ ينبغي وعليه فهو مندوب كما صرح به بعض الشافعية ، ومحله إذا أمن خروج شيء بعده فيندب ذلك مبالغة في الاستبراء أو المراد الاستبراء بخصوص هذه الأشياء من نحو المشي والتنحنح ، أما نفس الاستبراء حتى يطمئن قلبه بزوال الرشح فهو فرض وهو المراد بالوجوب ، ولذا قال الشرنبلالي : يلزم الرجل الاستبراء حتى يزول أثر البول ويطمئن قلبه . وقال : عبرت باللزوم لكونه أقوى من الواجب ; لأن هذا يفوت الجواز لفوته فلا يصح له الشروع في الوضوء حتى يطمئن بزوال [ ص: 345 ] الرشح . ا هـ . ( قوله : أو تنحنح ) لأن العروق ممتدة من الحلق إلى الذكر وبالتنحنح تتحرك وتقذف ما في مجرى البول . ا هـ . ضياء . ( قوله : ويختلف إلخ ) هذا هو الصحيح فمن وقع في قلبه أنه صار طاهرا جاز له أن يستنجي ; لأن كل أحد أعلم بحاله ضياء .

قلت : ومن كان بطيء الاستبراء فليفتل نحو ورقة مثل الشعيرة ويحتشي بها في الإحليل فإنها تتشرب ما بقي من أثر الرطوبة التي يخاف خروجها ، وينبغي أن يغيبها في المحل لئلا تذهب الرطوبة إلى طرفها الخارج ، وللخروج من خلاف الشافعي . وقد جرب ذلك فوجد أنفع من ربط المحل لكن الربط أولى إذا كان صائما لئلا يفسد صومه على قول الإمام الشافعي . ( قوله : ومع طهارة المغسول تطهر اليد ) هذا مختار الفقيه أبي جعفر ، وقيل : يجب غسلها ; لأنها تتنجس بالاستنجاء ، وقيل : يسن وهذا هو الصحيح كما مر في سنن الوضوء نوح . ونقل في القنية أنه لو استنجى بالماء وبيده خيط مشدود لا يطهر بطهارة اليد ما لم يمر اليد بالخيط إمرارا بليغا . ( قوله : ويشترط إلخ ) قال في السراج : وهل يشترط فيه ذهاب الرائحة ؟ قال بعضهم : نعم ، فعلى هذا لا يقدر بالمرات بل يستعمل الماء حتى تذهب العين والرائحة . وقال بعضهم : لا يشترط بل يستعمل حتى يغلب على ظنه أنه قد طهر وقدروه بالثلاث . ا هـ . والظاهر أن الفرق بين القولين أنه على الأول يلزمه شم يده حتى يعلم زوال الرائحة وعلى الثاني لا يلزمه بل يكفي غلبة الظن تأمل . ( قوله : بأن أرخى إلخ ) لعل وجهه أنه يخرج بإرخائه نفسه الشرج الداخل وهو لا يخلو عن رطوبة النجاسة ثم رأيته منقولا عن خط البزازي في هامش نسختي البزازية مع التصريح بأن المراد بوجه السنة ما ذكره الشارح من الإرخاء ، وبه اندفع ما فهمه في الحلية من بناء القول بالنقض ، على أن المراد بوجه السنة هو إدخال الإصبع في الدبر ، فرد ذلك بأنه قد نص غير واحد من أعيان المشايخ الكبار على أنه لا يدخل الإصبع في الاستنجاء . [ تتمة ]

إذا أراد أن يدخل الخلاء ينبغي أن يقوم قبل أن يغلبه الخارج ولا يصحبه شيء عليه اسم معظم ولا حاسر الرأس ولا مع القلنسوة بلا شيء عليها ، فإذا وصل إلى الباب يبدأ بالتسمية قبل الدعاء هو الصحيح فيقول : بسم الله { اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث } ، ثم يدخل باليسرى ولا يكشف قبل أن يدنو إلى القعود ، ثم يوسع بين رجليه ويميل على رجله اليسرى ، ولا يفكر في أمر الآخرة كالفقه والعلم ، فقد قيل : إنه يمنع منه شيء أعظم منه ولا يرد سلاما ولا يجيب مؤذنا ، فإن عطس حمد الله تعالى بقلبه ، ولا ينظر إلى عورته ولا إلى ما يخرج منه ، ولا يبزق في البول ، ولا يطيل القعود فإنه يولد الباسور ، ولا يمتخط ، ولا يتنحنح ، ولا يكثر الالتفات ولا يعبث ببدنه ، ولا يرفع بصره إلى السماء وينكس رأسه حياء مما ابتلي به ويدفن الخارج ، ويجتهد في الاستفراغ منه ، فإذا فرغ يعصر ذكره من أسفله إلى الحشفة ، ثم يمسح بثلاثة أحجار ثم يستر عورته قبل أن يستوي قائما ثم يخرج برجله اليمنى ويقول : { غفرانك ، الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني ، وأمسك علي ما ينفعني } ثم يستبرئ فإذا استيقن بانقطاع أثر البول يقعد للاستنجاء بالماء موضعا آخر ، ويبدأ بغسل يديه ثلاثا .

ويقول قبل كشف العورة { : بسم الله العظيم وبحمده ، والحمد لله على دين الإسلام . اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ، ثم يفيض الماء باليمنى على فرجه ، ويعلي الإناء ، ويغسل فرجه باليسرى ، ويبدأ بالقبل ثم الدبر ، ويرخي مقعدته ثلاثا ، ويدلك كل مرة ، ويبالغ فيه ما لم يكن صائما فينشف بخرقة قبل أن يجمعه [ ص: 346 ] كي لا يصل الماء إلى جوفه فيفطر ، ثم يدلك يده على حائط أو أرض طاهرة ثم يغسلها ثلاثا ، ثم يقوم وينشف فرجه بخرقة نظيفة ، فإن لم تكن معه يمسح بيده مرارا حتى لا تبقى إلا بلة يسيرة ، ويلبس سراويله ويرش فيه الماء أو يحشو بقطنة إن كان يريبه الشيطان ويقول : { الحمد لله الذي جعل الماء طهورا والإسلام نورا ، وقائدا ودليلا إلى الله وإلى جنات النعيم اللهم حصن فرجي ، وطهر قلبي ، ومحص ذنوبي }

ا هـ ملخصا من الغزنوية والضياء




الخدمات العلمية