الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 450 ] لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة

أعقب الردع بالوعيد على فعله إذا لم يرتدع وينته عنه .

واللام موطئة للقسم ؛ وجملة لنسفعن جواب القسم وأما جواب الشرط فمحذوف دل عليه جواب القسم .

والسفع : القبض الشديد بجذب .

والناصية مقدم شعر الرأس ، والأخذ من الناصية أخذ من لا يترك له تمكن من الانفلات فهو كناية عن أخذه إلى العذاب وفيه إذلال ; لأنهم كانوا لا يقبضون على شعر رأس أحد إلا لضربه أو لجره . وأكد ذلك السفع بالباء المزيدة الداخلة على المفعول لتأكيد اللصوق .

والنون نون التوكيد الخفيفة التي يكثر دخولها في القسم المثبت ، وكتبت في المصحف ألفا رعيا للنطق لها في الوقف ; لأن أواخر الكلم أكثر ما ترسم على مراعاة النطق في الوقف .

والتعريف في الناصية للعهد التقديري ، أي : بناصيته ، أي ناصية الذي ينهى عبدا إذا صلى ، وهذه اللام هي التي يسميها نحاة الكوفة عوضا عن المضاف إليه ، وهي تسمية حسنة وإن أباها البصريون فقدروا في مثله متعلقا لمدخول اللام .

و ( ناصية ) بدل من الناصية وتنكيرها لاعتبار الجنس ، أي : هي من جنس ناصية كاذبة خاطئة .

و ( خاطئة ) اسم فاعل من خطئ من باب علم ، إذا فعل خطيئة ، أي : ذنبا . ووصف الناصية بالكاذبة والخاطئة مجاز عقلي . والمراد : كاذب صاحبها خاطئ صاحبها ، أي : آثم . ومحسن هذا المجاز أن فيه تخييلا بأن الكذب والخطأ باديان من ناصيته فكانت الناصية جديرة بالسفع .

التالي السابق


الخدمات العلمية