[ ص: 85 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ) .
تبيينا لما تقدم من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=22ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ) أي هو بتقدير الله ؛ لأنه كف أيديهم عنكم بالفرار ، وأيديكم عنهم بالرجوع عنهم وتركهم . وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24ببطن مكة ) إشارة إلى أمر كان هناك يقتضي عدم الكف ، ومع ذاك وجد كف الأيدي ، وذلك الأمر هو
nindex.php?page=treesubj&link=30887دخول المسلمين ببطن مكة ، فإن ذلك يقتضي أن يصبر المكفوف على القتال لكون العدو دخل دارهم طالبين ثأرهم ، وذلك مما يوجب اجتهاد البليد في الذب عن الحريم ، ويقتضي أن يبالغ المسلمون في الاجتهاد في الجهاد لكونهم لو قصروا لكسروا وأسروا لبعد مأمنهم ، فقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24ببطن مكة ) إشارة إلى بعد الكف ، ومع ذلك وجد بمشيئة الله تعالى . وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24من بعد أن أظفركم عليهم ) صالح لأمرين : أحدهما : أن يكون منة على المؤمنين بأن الظفر كان لكم ، مع أن الظاهر كان يستدعي كون الظفر لهم ؛ لكون البلاد لهم ، ولكثرة عددهم . الثاني : أن يكون ذكر أمرين مانعين من الأمرين الأولين ، مع أن الله حققهما مع المنافقين ، أما كف أيدي الكفار فكان بعيدا ؛ لكونهم في بلادهم ذابين عن أهليهم وأولادهم ، وإليه أشار بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24ببطن مكة ) . وأما كف أيدي المسلمين ، فلأنه كان بعد أن ظفروا بهم ، ومتى ظفر الإنسان بعدوه الذي لو ظفر هو به لاستأصله يبعد انكفافه عنه ، مع أن الله كف اليدين .
وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وكان الله بما تعملون بصيرا ) .
يعني : كان الله يرى فيه من المصلحة ، وإن كنتم لا ترون ذلك ، وبينه بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=25هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا ) [ الفتح : 25 ] إلى أن قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=25ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ) [ الفتح : 25 ] يعني : كان الكف محافظة على ما في
مكة من المسلمين ؛ ليخرجوا منها ويدخلوها على وجه لا يكون فيه إيذاء من فيها من المؤمنين والمؤمنات ، واختلف المفسرون في ذلك الكف ، منهم من قال : المراد ما كان عام الفتح ، ومنهم من قال : ما كان عام
الحديبية ؛ فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30887المسلمين هزموا جيش الكفار حتى أدخلوهم بيوتهم ، وقيل : إن الحرب كان بالحجارة .
[ ص: 85 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ) .
تَبْيِينًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=22وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ) أَيْ هُوَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُ كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ بِالْفِرَارِ ، وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِالرُّجُوعِ عَنْهُمْ وَتَرْكِهِمْ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24بِبَطْنِ مَكَّةَ ) إِشَارَةٌ إِلَى أَمْرٍ كَانَ هُنَاكَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَفِّ ، وَمَعَ ذَاكَ وُجِدَ كَفُّ الْأَيْدِي ، وَذَلِكَ الْأَمْرُ هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=30887دُخُولُ الْمُسْلِمِينَ بِبَطْنِ مَكَّةَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَصْبِرَ الْمَكْفُوفُ عَلَى الْقِتَالِ لِكَوْنِ الْعَدُوِّ دَخَلَ دَارَهُمْ طَالِبِينَ ثَأْرَهُمْ ، وَذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ اجْتِهَادَ الْبَلِيدِ فِي الذَّبِّ عَنِ الْحَرِيمِ ، وَيَقْتَضِي أَنْ يُبَالِغَ الْمُسْلِمُونَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْجِهَادِ لِكَوْنِهِمْ لَوْ قَصَّرُوا لَكُسِرُوا وَأُسِرُوا لِبُعْدِ مَأْمَنِهِمْ ، فَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24بِبَطْنِ مَكَّةَ ) إِشَارَةٌ إِلَى بُعْدِ الْكَفِّ ، وَمَعَ ذَلِكَ وُجِدَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ) صَالِحٌ لِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ مِنَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ الظَّفَرَ كَانَ لَكُمْ ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ كَانَ يَسْتَدْعِي كَوْنَ الظَّفَرِ لَهُمْ ؛ لِكَوْنِ الْبِلَادِ لَهُمْ ، وَلِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ . الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ أَمْرَيْنِ مَانِعَيْنِ مِنَ الْأَمْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ حَقَّقَهُمَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ ، أَمَّا كَفُّ أَيْدِي الْكُفَّارِ فَكَانَ بَعِيدًا ؛ لِكَوْنِهِمْ فِي بِلَادِهِمْ ذَابِّينَ عَنْ أَهْلِيهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24بِبَطْنِ مَكَّةَ ) . وَأَمَّا كَفُّ أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ ، فَلِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ أَنْ ظَفِرُوا بِهِمْ ، وَمَتَى ظَفِرَ الْإِنْسَانُ بِعَدُوِّهِ الَّذِي لَوْ ظَفِرَ هُوَ بِهِ لَاسْتَأْصَلَهُ يَبْعُدُ انْكِفَافُهُ عَنْهُ ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ كَفَّ الْيَدَيْنِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) .
يَعْنِي : كَانَ اللَّهُ يَرَى فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ ، وَإِنْ كُنْتُمْ لَا تَرَوْنَ ذَلِكَ ، وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=25هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا ) [ الْفَتْحِ : 25 ] إِلَى أَنْ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=25وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ ) [ الْفَتْحِ : 25 ] يَعْنِي : كَانَ الْكَفُّ مُحَافَظَةً عَلَى مَا فِي
مَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِيَخْرُجُوا مِنْهَا وَيَدْخُلُوهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ فِيهِ إِيذَاءُ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي ذَلِكَ الْكَفِّ ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ : الْمُرَادُ مَا كَانَ عَامَ الْفَتْحِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : مَا كَانَ عَامَ
الْحُدَيْبِيَةِ ؛ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30887الْمُسْلِمِينَ هَزَمُوا جَيْشَ الْكُفَّارِ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ بُيُوتَهُمْ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْحَرْبَ كَانَ بِالْحِجَارَةِ .