الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( ويقتص من [ ص: 85 ] المكره فقط ) ، وهذا قول الإمام ومحمد ، وقال زفر يجب القصاص على المكره دون المكره ; لأن القصاص يجب على القاتل والقاتل هو المكره حقيقة ; لأنه المباشر ولهذا يتعلق الإثم به ; ولأن القتل فعل حسي وهو لا يجري فيه الاستناد لغير الفاعل ، وقال الشافعي يجب القصاص عليهما ، وقال أبو يوسف لا يجب القصاص على واحد منهما ولهما أنه محمول على القتل بطبعه إيثارا لحياة نفسه فيصير آلة لنفسه للمكره فيما يصلح أن يكون آلة له وهو الإتلاف فيقتص منه بخلاف الإثم ; لأنه باعتبار الجناية على ديته وهو لا يصلح أن يكون آلة له فيه فيأثم المكره قال في النهاية سواء كان الآمر بالغا عاقلا أو معتوها أو مجنونا أو صبيا فالقود عليه وعزاه إلى المبسوط ونسبه شيخ الإسلام علاء الدين عبد العزيز إلى السهو ونقل عن أبي اليسر في مبسوطه لو كان الآمر صبيا أو مجنونا لم يجب القصاص ; لأن الفاعل في الحقيقة هو الصبي والمجنون وهو ليس بأهل للعقوبة كذا في الأكمل وفي المحيط لو أكره على أن يقتل رجلا أو يكفر بالله تعالى وسعه الكفر دون القتل ; لأن الكفر يرخص في حالة الاضطرار دون القتل فإنه لا يرخص بحال ، ولو قتل ولم يكفر المكره دون القتل قياسا ; لأنه قتل نفسا مختارا طائعا ويضمن الدية استحسانا في ماله في ثلاث سنين إن لم يكن عالما بأن الكفر يسعه يقتل به ، وقيل لا يقتل به ; لأن الدليل المورث للشبهة قائم وهو حرمة الكفر ، ولو أكره على أن يقتل أو يأكل الميتة أو يشرب الخمر فقتل بقتل القاتل دون المكره ; لأن أكل الميتة وشرب الخمر يرخص حالة الاضطرار .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية