الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ما جاء في أمان العبد مع مولاه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا كان العبد يقاتل مع مولاه جاز أمانه وإلا فأمانه باطل وقال الأوزاعي أمانه جائز أجازه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ولم ينظر كان يقاتل أم لا وقال أبو يوسف في العبد : القول ما قال أبو حنيفة ليس لعبد أمان ولا شهادة في قليل ولا كثير ألا ترى أنه لا يملك نفسه ولا يملك أن يشتري شيئا ولا يملك أن يتزوج فكيف يكون له أمان يجوز على جميع المسلمين وفعله لا يجوز على نفسه أرأيت لو كان عبدا كافرا ومولاه مسلم هل يجوز أمانه أرأيت إن كان عبدا لأهل الحرب فخرج إلى دار الإسلام بأمان وأسلم ثم أمن أهل الحرب جميعا هل يجوز ذلك ؟ أرأيت إن كان عبدا مسلما ومولاه ذمي فأمن أهل الحرب هل يجوز أمانه ذلك ؟ حدثنا عاصم بن سليمان عن الفضل بن يزيد قال كنا محاصري حصن قوم فعمد عبد لبعضهم فرمى بسهم فيه أمان فأجاز ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فهذا عندنا مقاتل على ذلك يقع الحديث وفي النفس من إجازته أمانه إن كان يقاتل ما فيها لولا هذا الأثر ما كان له عندنا أمان قاتل أو لم يقاتل ألا ترى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { المسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم } وهو عندنا في الدية إنما هم سواء ودية العبد ليست دية الحر وربما كانت ديته لا تبلغ مائة درهم فهذا الحديث عندنا إنما هو على الأحرار ولا تتكافأ دماؤهم مع دماء الأحرار ولو أن المسلمين سبوا سبيا فأمن صبي منهم بعدما تكلم بالإسلام وهو في دار الحرب أهل الشرك جاز ذلك على المسلمين فهذا لا يجوز ولا يستقيم .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى القول ما قال الأوزاعي وهو معنى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وما قال أبو يوسف لا يثبت إبطال أمان العبد ولا إجازته أرأيت حجته بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { المسلمون يد واحدة على من سواهم تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم } أليس العبد من المؤمنين ومن أدنى المؤمنين أو رأيت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه حين أجاز أمان العبد ولم يسأل يقاتل أو لا يقاتل أليس ذلك دليلا على أنه إنما [ ص: 371 ] أجازه على أنه من المؤمنين أو رأيت حجته بأن دمه لا يكافئ دمه فإن كان إنما عنى أن معنى الحديث أن مكافأة الدم بالدية فالعبد الذي يقاتل هو عنده قد يبلغ هو بديته دية حر إلا عشرة دراهم ويجعله أكثر من دية المرأة فإن كان الأمان يجوز على الحرية والإسلام فالعبد يقاتل خارجا من الحرية وإن كان يجيزه على الإسلام فالعبد لا يقاتل داخلا في الإسلام وإن كان يجيزه على القتال فهو يجيز أمان المرأة وهي لا تقاتل وأمان الرجل المريض والجبان وهو لا يقاتل وما علمته بذلك يحتج إلا للأوزاعي على نفسه وصاحبه حتى سكت وإن كان يجيز الأمان على الديات انبغى أن لا يجيز أمان المرأة لأن ديتها نصف دية الرجل ، والعبد لا يقاتل يكون أكثر دية عنده وعندنا من الحرة أضعافا فإن قال هذا للمرأة دية فكذلك ثمن العبد للعبد دية فإن أراد مساواتهما بثمن الحر فالعبد يقاتل يسوى خمسين درهما عنده جائز الأمان والعبد لا يقاتل ثمن عشرة آلاف إلا عشرة غير جائزة وهو أقرب من دية الحر عن المرأة .

التالي السابق


الخدمات العلمية