الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وطء السبايا بالملك قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا كان الإمام قد قال من أصاب شيئا فهو له فأصاب رجل جارية لا يطؤها ما كان في دار الحرب وقال الأوزاعي : له أن يطأها وهذا حلال من الله عز وجل بأن المسلمين وطئوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصابوا من السبايا في غزاة بني المصطلق قبل أن يقفلوا ولا يصلح للإمام أن ينفل سرية ما أصابت ولا ينفل سوى ذلك إلا بعد الخمس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث قال أبو يوسف ما أعظم قول الأوزاعي في قوله هذا حلال من الله أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا هذا حلال وهذا حرام إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير . حدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم وكان من أفضل التابعين أنه قال إياكم أن يقول الرجل إن الله أحل هذا أو رضيه فيقول الله له لم أحل هذا ولم أرضه ، ويقول إن الله حرم هذا فيقول الله كذبت لم أحرم هذا ولم أنه عنه . وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه قالوا هذا مكروه وهذا لا بأس به فأما نقول هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا . قال أبو يوسف وأما ما ذكر الأوزاعي من الوطء فهو مكروه بغير خصلة يكره أن يطأ في دار الحرب ويكره أن يطأ من السبي قبل أن يخرجوه إلى دار الإسلام . أخبرنا بعض أشياخنا عن مكحول عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه نهى أن يوطأ السبي من الفيء في دار الحرب . أخبرنا بعض أصحابنا عن الزهري { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل سعد بن معاذ يوم بني قريظة سيف ابن أبي الحقيق قبل القسمة والخمس } وقال أبو يوسف أرأيت رجلا أغار وحده فأرق جارية أيرخص له في وطئها قبل أن يخرجها إلى دار الإسلام ولم يحرزها ؟ فكذلك الباب الأول . وأما النفل الذي ذكر أنه بعد الخمس فقد نقضه بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان ينفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث ولم يذكر أن هذا بعد الخمس وصدق وقد بلغنا هذا وليس فيه الخمس فأما النفل قبل الخمس فقد { نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة بدر فيما بلغنا قبل أن تخمس } .

( قال الشافعي ) وإذا قسم الإمام الفيء في دار الحرب ودفع إلى رجل في سهمه جارية فاستبرأها فلا بأس أن يطأها وبلاد الحرب لا تحرم الحلال من الفروج المنكوحة والمملوكة وقد غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة المريسيع بامرأة أو امرأتين من [ ص: 372 ] نسائه والغزو بالنساء أولا لو كان فيه مكروه بأن يخاف على المسلمات أن يؤتى بهن بلاد الحرب فيسبين أولى أن يمنع من رجل أصار جارية في ملكه في بلاد الحرب يغلبون عليها فيسترق ولد إن كان في بطنها وليس هذا كما قال أبو يوسف وهو كما قال الأوزاعي قد أصاب المسلمون نساءهم المسلمات ومن كان من سبائهم وما نساؤهم إلا كهم فإذا غزوا أهل قوة بجيش فلا بأس أن يغزوا بالنساء وإن كانت الغارة التي إنما يغير فيها القليل على الكثير فيغنمون من بلادهم إنما ينالون غرة وينحبون ركضا كرهت الغزو بالنساء في هذا الحال وأما ما ذكر أبو يوسف من النفل فإن الخمس في كل ما أوجف عليه المسلمون من صغيره وكبيره بحكم الله إلا السلب للقاتل في الإقبال الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قتل . وأما ما ذكر من أمر بدر فإنما كانت الأنفال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الله عز وجل { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول } فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين ثم نزل عليه منصرفه من بدر { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } فجعل الله له ولمن سمي معه الخمس وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن أوجف الأربعة الأخماس بالحضور للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية