الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وابن السبيل عندي ابن السبيل من أهل الصدقة الذي يريد البلد غير بلده لأمر يلزمه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            وبنو السبيل هم صنف من أهل السهمان قال الله تعالى : وفي سبيل الله وابن السبيل وبنو السبيل هم المسافرون : لأن السبيل الطريق ، سموا بها لسلوكهم لها وهم ضربان : مجتاز ، ومنشئ .

                                                                                                                                            فأما المجتاز فهو المار في سفره ببلد الصدقة ، وأما المنشئ فهو المبتدئ لسفره عن بلد الصدقة وهما سواء في الاستحقاق .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة ومالك : ابن السبيل من أهل السهمان هو المجتاز دون المنشئ استدلالا بقوله تعالى : وابن السبيل ، يعني : ابن الطريق . وهذا ينطبق على المسافر المجتاز دون المنشئ الذي ليس بمسافر مجتاز .

                                                                                                                                            ودليلنا هو أن ابن السبيل يعطى لما يبتدؤه من السفر لا لما مضى منه ، فاستوى فيه المجتاز والمنشئ : لأن كل واحد منهما مبتدئ : لأن المسافر لو دخل بلدا أو نوى إقامة خمسة عشر يوما صار في حكم المقيمين من أهله ويصير عند إرادة الخروج كالمنشئ ثم يجوز بوفاق ، فكذا كل مقيم منشئ ، وفيه انفصال عن الاستدلال .

                                                                                                                                            فإن قيل : فكيف يسمى من لم يسافر مسافرا ؟

                                                                                                                                            قيل : كما يسمى من لم يحج حاجا ، ومثل ذلك قوله تعالى : واستشهدوا شهيدين من رجالكم [ البقرة : 282 ] .

                                                                                                                                            [ ص: 514 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية