الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقت العصر قال أبو بكر : أما أول وقت العصر فهو على ما ذكرنا من خروج وقت الظهر على اختلافهم فيه ، والصحيح من قولهم أنه ليس بين وقت الظهر ووقت العصر واسطة وقت من غيرهما ؛ وما روي عن أبي حنيفة من أن آخر وقت الظهر أن يصير الظل أقل من قامتين وأول وقت العصر إذا صار الظل قامتين ، فهو رواية شاذة ، وهي أيضا مخالفة للآثار الواردة في أن وقت الظهر ما لم يحضر وقت العصر ؛ وفي بعض ألفاظ حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : وآخر وقت الظهر حين يدخل وقت العصر وفي حديث أبي قتادة : التفريط في الصلاة أن يتركها حتى يدخل وقت الأخرى .

والصحيح من مذهب أبي حنيفة أحد قولين :

إما المثلان وإما المثل ، وأن بخروج وقت الظهر يدخل وقت العصر . واتفق فقهاء الأمصار أن آخر وقت العصر غروب الشمس ، ومن الناس من يقول : إن آخر وقتها حين تصفر الشمس ، ويحتج فيه بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند غروب الشمس .

قال أبو بكر : والدليل على أن آخر وقتها الغروب قول النبي صلى الله عليه وسلم : من فاته العصر حتى غابت الشمس فكأنما وتر أهله وماله ، فجعل فواتها بالغروب وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك ، وهذا يدل على أن وقتها إلى الغروب .

فإن احتج محتج بحديث عبد الله بن عمر وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : آخر وقت العصر حين تصفر الشمس ، فإن هذا عندنا على كراهة التأخير وبيان الوقت المستحب ، كما روي في حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : آخر وقت العشاء الآخرة نصف الليل ومراده الوقت المستحب ؛ لأنه لا خلاف أن ما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر من وقت العشاء الآخرة ، وأن مدركه بالاحتلام أو الإسلام [ ص: 257 ] يلزمه فرضها .

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الرجل ليصلي الصلاة ولما فاته من وقتها خير له من أهله وماله . فقد يكون وقت يلزم به مدركه الفرض ويكره له تأخيرها إليه ألا ترى أنه يكره الإسفار بصلاة الفجر بمزدلفة ولم تخرجه كراهة التأخير إليه من أن يكون وقتا لها ؟ فكذلك الأخبار التي فيها تقدير آخر الوقت باصفرار الشمس واردة على فوات فضيلة الوقت الذي جعلها النبي صلى الله عليه وسلم خيرا له من أهله وماله .

التالي السابق


الخدمات العلمية