الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 171 ] فصل في قتل كعب بن الأشرف

وكان رجلا من اليهود ، وأمه من بني النضير ، وكان شديد الأذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يشبب في أشعاره بنساء الصحابة ، فلما كانت وقعة بدر ذهب إلى مكة ، وجعل يؤلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين ، ثم رجع إلى المدينة على تلك الحال ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من لكعب بن الأشرف ، فإنه قد آذى الله ورسوله " . فانتدب له محمد بن مسلمة ، وعباد بن بشر ، وأبو نائلة واسمه سلكان بن سلامة ، وهو أخو كعب من الرضاع، والحارث بن أوس ، وأبو عبس بن جبر ، وأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا ما شاءوا من كلام يخدعونه به ، فذهبوا إليه في ليلة مقمرة ، وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ، فلما انتهوا إليه ، قدموا سلكان بن سلامة إليه ، فأظهر له موافقته على الانحراف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشكا إليه ضيق حاله ، فكلمه في أن يبيعه وأصحابه طعاما ، ويرهنونه سلاحهم ، فأجابهم إلى ذلك .

ورجع سلكان إلى أصحابه ، فأخبرهم ، فأتوه ، فخرج إليهم من حصنه ، فتماشوا ، فوضعوا عليه سيوفهم ، ووضع محمد بن مسلمة مغولا كان معه في [ ص: 172 ] ثنته ، فقتله ، وصاح عدو الله صيحة شديدة أفزعت من حوله . وأوقدوا النيران ، وجاء الوفد حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل ، وهو قائم يصلي ، وجرح الحارث بن أوس ببعض سيوف أصحابه ، فتفل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرئ ، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل من وجد من اليهود لنقضهم عهده ومحاربتهم الله ورسوله
) .

التالي السابق


الخدمات العلمية