الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( باب ) ( ندب مكاتبة أهل التبرع )

                                                                                                                            ش : يقال : كتابة ومكاتبة ، وكتاب قال الله تعالى { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } ، وهي مشتقة من الأجل المضروب لنجومها فإن الكتابة هي الأجل قال عز من قائل { ولها كتاب معلوم } . أي : أجل مقدر ، ومنه قيل : كاتب عبده أي : وأجله على ذلك ، وحدها في الشرع قال في التوضيح عتق الرجل عبده على مال يؤديه منجما انتهى . كذا قال ابن عرفة : هي عتق على مال مؤجل من العبد موقوف على أدائه فيخرج ما على مال معجل ولذا قال فيها : لا تجوز كتابة أم الولد ، ويجوز عتقها على مال ويخرج عتق العبد على مال منجم على أجنبي انتهى . وقول المؤلف : " ندب " يشير به إلى أن حكم الكتابة الندب قال في التوضيح : وهو مذهب المدونة ، قال ابن عرفة ، وهو المعروف ومقابله قول بالإباحة في المذهب ، وهذا الذي رواه ابن القصار وقاله مطرف وحكاه ابن الجلاب عن مالك قال ابن عرفة قال اللخمي قال مالك في الموطإ : سمعت بعض أهل العلم إذا سئل عن ذلك يتلو { وإذا حللتم فاصطادوا } { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض } فجعلها على الإباحة انتهى .

                                                                                                                            وقال أهل الظاهر بوجوبها للأمر بها في قوله تعالى : { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } قال في التوضيح : واختلف في الخير المذكور في الآية هل هو المال أو القدرة على الكسب أو الصلاح أو الدين أو الأمانة إلى غير ذلك من الأقوال ، والمنقول عن مالك في الموازية أنه القوة على الأداء انتهى .

                                                                                                                            وفصل اللخمي في حكمها ، فقال على ما نقل عنه ابن عرفة إن كان العبد لا يعرف بسوء وسعايته من المباح ، وقدر الكتابة ليس بأكثر من خراجه بكثير [ ص: 345 ] فهي مندوب إليها ، وإن كان قدر الكتابة أكثر منه بكثير فمباحة ، وإن عرف بالسوء والإذاية فمكروهة إن كانت سعايته من حرام فهي محرمة انتهى . وقوله : " أهل تبرع " هو فاعل المصدر ، وهذا هو الركن الأول من أركانها فإن لها أربعة أركان : المكاتب ، والمكاتب والصيغة ، والعوض ، فالأول قال المؤلف : هم أهل التبرع فخرج الصبي ، والمجنون ، والسفيه المحجور عليه ويرد عليه العبد المكاتب فإنه ليس من أهل التبرع ، وتصح كتابته على وجه النظر كما سيأتي ، والمريض والمرأة فيما زاد على الثلث إذا لم يحابيا ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( بكاتبتك ونحوه بكذا )

                                                                                                                            ش : هذا هو الركن الثاني ، وهو الصيغة قال في اللباب : هو لفظ أو ما يقوم مقامه يدل على العتق على مال منجم انتهى . وقال ابن الحاجب : الصيغة مثل كاتبتك على كذا في نجم أو نجمين فصاعدا ، قال في التوضيح قوله : مثل كاتبتك يعني ، وأنت مكاتب أو معتق على نجمين ، ثم قال : وظاهر قول المصنف في نجم أو نجمين أنه لا فرق بين ما قل من النجوم أو كثر وهكذا ذكر ابن شعبان قال ومن أصحابنا من يختار جعلها في نجمين انتهى . ونحوه في الذخيرة ، وابن شاس وابن جزي ونقل الشيخ يوسف بن عمر في شرح الرسالة قولا باشتراط كونها في نجمين انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية