الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ( 38 ) فذوقوا عذابي ونذر ( 39 ) ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( 40 ) ) [ ص: 599 ]

يقول - تعالى ذكره - : ولقد صبح قوم لوط بكرة ، ذكر أن ذلك كان عند طلوع الفجر .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( بكرة ) قال : عند طلوع الفجر .

وقوله ( عذاب ) وذلك قلب الأرض بهم ، وتصيير أعلاها أسفلها بهم ، ثم إتباعهم بحجارة من سجيل منضود .

كما حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( ولقد صبحهم بكرة عذاب ) قال : حجارة رموا بها .

وقوله ( مستقر ) يقول : استقر ذلك العذاب فيهم إلى يوم القيامة حتى يوافوا عذاب الله الأكبر في جهنم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر ) يقول : صبحهم عذاب مستقر ، استقر بهم إلى نار جهنم .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ولقد صبحهم بكرة ) . . . الآية ، قال : ثم صبحهم بعد هذا ، يعني بعد أن طمس الله أعينهم ، فهم في ذلك العذاب إلى يوم القيامة ، قال : وكل قومه كانوا كذلك ، ألا تسمع قوله حين يقول : ( أليس منكم رجل رشيد ) .

حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران ، عن سفيان ( مستقر ) استقر .

وقوله ( فذوقوا عذابي ونذر ) يقول - تعالى ذكره - لهم : فذوقوا معشر قوم لوط عذابي الذي أحللته بكم بكفركم بالله وتكذيبكم رسوله ، وإنذاري بكم الأمم سواكم بما أنزلته بكم من العقاب . [ ص: 600 ]

وقوله ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) يقول - تعالى ذكره - : ولقد سهلنا القرآن للذكر لمن أراد التذكر به فهل من متعظ ومعتبر به فينزجر به عما نهاه الله عنه إلى ما أمره به وأذن له فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية