الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( فصل : وتجب عدة الوفاة في المنزل الذي وجبت فيه ، إلا أن تدعو ضرورة إلى خروجها منه ، بأن يحولها مالكه ، أو تخشى على نفسها فتنتقل ) بلا نزاع . وظاهر كلام المصنف هنا : أنها تنتقل حيث شاءت . وهو أحد الوجهين . والمذهب منهما ، على ما اصطلحناه . اختاره القاضي ، والمصنف ، والشارح . وجزم به في الكافي . وقدمه ابن رزين في شرحه .

والوجه الثاني : أنها لا تنتقل إلا إلى أقرب ما يمكن من المنزل الذي وجبت فيه . جزم به في الهداية ، والمذهب ، ومسبوك الذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والمنور ، والوجيز ، وإدراك الغاية ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير وغيرهم . [ ص: 307 ] وقدمه في الرعاية الكبرى . وأطلقهما في الفروع .

فائدة :

لو بيعت الدار التي وجبت فيها العدة ، وهي حامل ، فقال المصنف : لا يصح البيع . لأن الباقي من مدة العدة مجهول . قلت : فيعايى بها . وقال المجد : قياس المذهب الصحة . قلت : وهو الصواب . وتقدم ذلك أيضا في باب الإجارة عند قوله " ويجوز بيع العين المستأجرة " تنبيه :

قوله " بأن يحولها مالكه " صحيح . وقال في المغني : أو يطلب به فوق أجرته . وقال أيضا هو والشارح أو لم تجد ما تكتري به . وقال في الترغيب : إن قلنا " لا سكنى لها " فعليها الأجرة . وليس للورثة تحويلها منه . قال في الفروع : وهو ظاهر كلام جماعة . قال : وظاهر المغني وغيره : خلافه . وقال الزركشي : ذكره أبو محمد من صور الأعذار المبيحة للانتقال : إذا لم تجد أجرة المنزل إلا من مالها ، فلها الانتقال . وصرح أن الواجب عليها : فعل السكنى ، لا تحصيل المسكن . وهو مقتضى . قول القاضي في تعليقه . قال : وفيما قالاه نظر وذكره ثم قال : والذي يظهر لي أنه يجب عليها بذل الأجرة من مالها إن قدرت عليها ، وإلا فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

فائدة : يجوز نقلها لأذاها . على الصحيح من المذهب . قدمه في الفروع . وقيل : ليس لهم ذلك ، بل ينتقلون عنها . واختاره في الترغيب .

[ ص: 308 ] تنبيهان

أحدهما : ظاهر قوله ( ولا تخرج ليلا ) . ولو كان لحاجة . وهو أحد الوجهين . وهو ظاهر كلامه في الوجيز . وقدمه في الرعاية الكبرى . وجزم به في الكافي ، والمحرر . وقطع في المغني ، والشرح : أنه لا يجوز لها الخروج ليلا إلا لضرورة .

والوجه الثاني : يجوز لها الخروج ليلا للحاجة . قال في الرعاية الصغرى : ولها الخروج ليلا لحاجة ، في الأشهر . قال في الحاوي ، والهادي : ولها ذلك في أظهر الوجهين . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . وأطلقهما في الفروع . وظاهر كلامه في الواضح : أن لها الخروج مطلقا . قاله في الفروع .

الثاني : ظاهر قوله ( ولها الخروج نهارا لحوائجها ) . أنه سواء وجد من يقضيها الحوائج أو لا . وهو ظاهر كلام غيره . وأطلقوا . قال الحلواني : لها ذلك مع وجود من يقضيها . فصرح . وبين المطلق من كلامهم . وظاهر قوله أيضا " لحوائجها " أنها لا تخرج لغير حوائجها . وهو صحيح وهو المذهب . وهو ظاهر كلامه في المغني ، والشرح ، وتذكرة ابن عبدوس ، والوجيز ، وغيرهم . وقدمه في الفروع ، والرعاية الكبرى . وقيل : لها الخروج نهارا لحوائجها وغيرها . قال في الوسيلة : نص عليه . نقل حنبل : تذهب بالنهار . [ ص: 309 ] قال الزركشي : اشترط كثير من الأصحاب لخروجها : الحاجة . والإمام أحمد رحمه الله ، وجماعة لم يشترطوا ذلك . ولا حاجة في التحقيق إلى اشتراطه . لأن المرأة وإن لم تكن متوفى عنها تمنع من خروجها من بيتها لغير حاجة مطلقا .

فائدة :

لو خالفت وفعلت ما هي ممنوعة منه : أثمت وانقضت عدتها بمضي زمنها كالصغيرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية