الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 154 ] باب الماء الذي يجوز به الوضوء ، وما لا يجوز

                                                                                                        ( الطهارة من الأحداث جائزة بماء السماء ، والأودية ، والعيون ، والآبار ، والبحار ) لقوله تعالى: { وأنزلنا من السماء ماء طهورا }وقوله عليه الصلاة والسلام : { الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه }وقوله عليه الصلاة والسلام في البحر : { هو الطهور ماؤه الحل ميتته }ومطلق الاسم ينطلق على هذه المياه . [ ص: 155 ]

                                                                                                        قال ( ولا يجوز بما اعتصر من الشجر والثمر ) لأنه ليس بماء مطلق ، والحكم عند فقده منقول إلى التيمم ، والوظيفة في هذه الأعضاء تعبدية فلا تتعدى إلى غير المنصوص عليه ، وأما الماء الذي يقطر من الكرم فيجوز التوضؤ به ; لأنه ماء يخرج من غير علاج ، ذكره في جوامع أبي يوسف رحمه الله ، وفي الكتاب إشارة إليه حيث شرط الاعتصار .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        باب الماء الذي يجوز به الطهارة

                                                                                                        الحديث الثالث والثلاثون : قال عليه السلام : { الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما [ ص: 155 ] غير لونه أو طعمه أو ريحه } ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وروى ابن ماجه في " سننه " من حديث رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إن الماء طهور لا ينجسه إلا ما غلب على ريحه ، وطعمه ، [ ص: 156 ] ولونه }انتهى

                                                                                                        . والمصنف استدل بهذا الحديث هنا على طهورية الماء فقط ، ثم استدل به قريبا على طهورية الماء القليل حجة لمالك ، مشيرا إليه بقوله : وقال مالك : يجوز ما لم يتغير أحد أوصافه ، لما روينا ، وهذا الحديث ضعيف ، فإن رشدين بن سعد جرحه النسائي ، وابن حبان ، وأبو حاتم ، ومعاوية بن صالح ، قال أبو حاتم : لا يحتج به ، ورواه الطبراني في " معجمه " ، والبيهقي والدارقطني في " سننهما " ولم يذكروا فيه اللون ، قال الدارقطني : لم يرفعه غير رشدين بن سعد ، وليس بالقوي انتهى .

                                                                                                        واعترضه الشيخ تقي الدين في " الإمام " ، فقال : إنه قد رفع من وجهين ، غير طريق رشدين أخرجهما البيهقي :

                                                                                                        أحدهما : عن عطية بن بقية بن الوليد عن أبيه عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم : { أن الماء طاهر إلا إن تغير ريحه ، أو طعمه ، أو لونه بنجاسة تحدث فيها }انتهى .

                                                                                                        الثاني : عن حفص بن عمر ثنا عمر ثنا ثور بن يزيد عن راشد بن سعد عن أبي أمامة مرفوعا { الماء لا ينجس إلا ما غير طعمه . أو ريحه }انتهى . قال البيهقي : والحديث غير قوي ورواه عبد الرزاق في " مصنفه " والدارقطني في " سننه " عن الأحوص بن حكيم عن راشد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، والأحوص فيه مقال انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } لمالك : أخرجه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والثلاثين ، من القسم الثالث عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الماء لا ينجسه شيء }انتهى .

                                                                                                        قال ابن حبان : وهذا مخصوص بحديث القلتين ، وكلاهما مخصوص بالإجماع أن الماء المتغير بنجاسة ينجس قليلا كان الماء أو كثيرا انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني في " سننه " عن معاوية بن صالح عن رشدين بن سعد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الماء طهور إلا ما غلب على ريحه ، أو طعمه }انتهى . وسنده ضعيف . [ ص: 157 ]

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الدارقطني عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الماء لا ينجسه شيء }انتهى .

                                                                                                        حديث أبي ثعلبة أخرجاه عنه ، قال : { قلت : يا رسول الله إنا بأرض أهل الكتاب أفنأكل في آنيتهم ؟ قال : إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها } ، وفي رواية أبي داود : { إنا نجاور أهل الكتاب ، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ، ويشربون في آنيتهم الخمر } ، فذكره .

                                                                                                        وحديث عمران بن حصين أخرجاه أيضا عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإناء فأفرغ فيه من أفواه مزادتي المرأة المشركة ، وأوكأ أفواههما ، وأطلق العزالي ونودي في الناس أن اسقوا واستقوا ، فسقى من شاء واستقى من شاء ، وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء ، قال : اذهب فأفرغه عليك } ، انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : قال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : ومن غريب ما يستدل به في هذا المعنى حديث أبي ثعلبة في الأمر بغسل أواني المشركين قبل الأكل فيها ، مع حديث عمران بن حصين في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من مزادة المشركة . فإن الأول : يدل على نجاسة الإناء .

                                                                                                        والثاني : على طهورية الماء ، فدل على أن النجاسة غير مؤثرة في الماء ما لم تغيره انتهى .

                                                                                                        الحديث الرابع والثلاثون : قال النبي صلى الله عليه وسلم في البحر : " { هو الطهور ماؤه الحل ميتته }. قلت : روي من حديث أبي هريرة ، ومن حديث جابر ، ومن حديث علي بن أبي طالب ، ومن حديث أنس ، ومن حديث عبد الله بن عمرو ، ومن حديث الفراسي ، ومن حديث أبي بكر .

                                                                                                        أما حديث أبي هريرة فأخرجه أصحاب السنن الأربعة من طريق مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة العبدري عن أبي هريرة { أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، أفنتوضأ من البحر ؟ فقال عليه السلام : هو الطهور ماؤه الحل ميتته }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث ، فقال : حديث صحيح انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في [ ص: 158 ] صحيحه " في النوع الثالث والثلاثين ، من القسم الرابع ، والحاكم في " مستدركه " ، وقال : ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه . ومسنده " أخبرنا حماد بن خالد عن مالك بن أنس به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { البحر الطهور ماؤه الحل ميتته }انتهى .

                                                                                                        وهو لفظ غريب ، قال الشيخ تقي الدين في " الإمام " : وهذا الحديث يعل بأربع علل : أحدها :

                                                                                                        جهالة سعيد بن سلمة ، والمغيرة بن أبي بردة ، وقالوا : لم يرو عن المغيرة بن أبي بردة إلا سعيد بن سلمة ، ولا عن سعيد بن سلمة ، إلا صفوان بن سليم ، قال : وجوابه : أن سعيد بن سلمة قد روى عنه غير صفوان ، وهو الجلاح أبو كثير ، ورواه عن الجلاح يزيد بن أبي حبيب ، وعمرو بن الحارث ، أما رواية عمرو فمن طريق ابن وهب ، وأما رواية يزيد ، فمن طريق الليث بن سعد عنه أخرجها كلها البيهقي في " سننه الكبير " .

                                                                                                        وأما المغيرة بن أبي بردة ، فقد روى عنه يحيى بن سعد ، ويزيد بن محمد القرشي ، إلا أن يحيى بن سعيد اختلف عليه فيه ، ورواية يزيد بن محمد رواها أحمد بن عبيد الصفار صاحب المسند ، ومن جهته أخرجها البيهقي ، فتلخص أن المغيرة بن أبي بردة روى عنه ثلاثة : يحيى بن سعد ، ويزيد بن محمد ، وسعيد بن سلمة ، وأن سعيد بن سلمة روى عنه صفوان بن سليم . والجلاح ، وبطلت دعوى من ادعى انفراد سعيد عن المغيرة ، وانفراد صفوان عن سعيد . العلة الثانية :

                                                                                                        أنهم اختلفوا في اسم سعيد بن سلمة ، فقيل : هذا ، وقيل : عبد الله بن سعيد ، وقيل : سلمة بن سعيد ، وأصحهما سعيد بن سلمة ; لأنها رواية مالك مع جلالته ، وهذا مع وفاق من وافقه ، والاسمان الآخران من رواية محمد بن إسحاق . العلة الثالثة :

                                                                                                        الإرسال ، قال ابن عبد البر : ذكر ابن أبي عمرو الحميدي ، والمخزومي . عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة : { أن ناسا من بني مدلج أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم }الحديث ، قال : وهذا مرسل لا يقوم بمثله حجة ، ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم ، وأثبت من سعيد بن سلمة ، قال الشيخ : وهذا مبني على تقديم إرسال الأحفظ على إسناد من دونه ، وهو مشهور في الأصول . والعلة الرابعة :

                                                                                                        الاضطراب ، فوقع في رواية محمد بن إسحاق عبد الله بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا هو في " مسند الدارمي " ووقع في رواية عنه : سلمة بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن [ ص: 159 ] النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                        وأما رواية يحيى بن سعيد فقيل عنه : عن المغيرة بن أبي بردة عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم هذه رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن هشيم عن يحيى ، ورواه بعضهم عن هشيم ، فقال : فيه المغيرة بن أبي برزة . فقال : وهم فيه ، وإنما هو المغيرة بن أبي بردة . وهشيم ربما وهم في الإسناد ، وهو في المقطعات أحفظ ، قال

                                                                                                        الشيخ : وهذا الوهم إنما يلزم هشيما إذا اتفقوا عليه فيه ، فأما وقد رواه أبو عبيد عن هشيم على الصواب ، فالوهم ممن رواه عن هشيم ، على ذلك الوجه ، وقيل فيه : عن المغيرة بن عبد بن عبد أن رجلا من بني مدلج أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقيل : عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة أن رجلا من بني مدلج .

                                                                                                        وفي رواية عبد الله بن المغيرة عن رجل من بني مدلج ، وقيل : عن عبد الله بن المغيرة عن أبيه عن رجل من بني مدلج ، قال البيهقي في " كتاب المعرفة " : هذا حديث أودعه مالك بن أنس " كتاب الموطأ " ورواه أبو داود . وأصحاب السنن . وجماعة من أئمة الحديث في " كتبهم " محتجين به . وصححه . البخاري فيما رواه الترمذي عنه ، وإنما لم يخرجه البخاري . ومسلم في " صحيحيهما " لاختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة . والمغيرة بن أبي بردة ، وكذلك قال الشافعي : في إسناده من لا أعرفه ، ولا يضر اختلاف من اختلف عليه فيه ، فإن مالكا قد أقام إسناده عن صفوان بن سليم ، وتابعه الليث بن سعد عن يزيد عن الجلاح ، كلاهما عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أبي بردة ، ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فصار الحديث بذلك صحيحا . والله أعلم انتهى .

                                                                                                        وقال في " السنن الكبيرة " : قد تابع يحيى بن سعيد الأنصاري . ويزيد بن محمد القرشي سعيدا على روايته . إلا أنه اختلف فيه على يحيى بن سعيد ، فروي عنه عن المغيرة بن أبي بردة عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروي عنه عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة أن رجلا من بني مدلج .

                                                                                                        وروي عنه عن المغيرة بن عبد الله عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه عن المغيرة بن عبد الله عن أبيه . وقيل غير هذا ، واختلفوا أيضا في اسم سعيد بن سلمة ، فقيل : كما قال مالك ، وقيل : عبد الله بن سعيد المخزومي ، وقيل : سلمة بن سعيد ، وهو الذي أراد الشافعي بقوله : في " إسناده من لا أعرفه " أو المغيرة . أو هما ، إلا أن الذي أقام إسناده ثقة ، وهو " مالك " رحمه الله انتهى .

                                                                                                        ولما روى الحاكم في " المستدرك " هذا الحديث ذكر ما فيه من المتابعات . ثم قال : اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات .

                                                                                                        وقال ابن منده : اتفاق صفوان . [ ص: 160 ] والجلاح يوجب شهرة سعيد بن سلمة . واتفاق يحيى بن سعيد . وسعيد بن سلمة عن المغيرة يوجب شهرته ، فصار الإسناد مشهورا ، وبهذا يرتفع جهالة عينهما انتهى .

                                                                                                        وفي " كتاب المزي " توثيقهما . فزالت جهالة الحال أيضا ، ولهذا صححه الترمذي . وحكى عن البخاري تصحيحه ، والله أعلم .

                                                                                                        وأما حديث جابر فرواه ابن ماجه في " سننه " من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد حدثني إسحاق بن حازم عن عبيد الله بن مقسم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر ، فقال : { هو الطهور ماؤه الحل ميتته }. انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والثلاثين من القسم الرابع والحاكم في " المستدرك " رواه من حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر ، وسكت عنه ، ورواه الدارقطني في " سننه " . وأحمد في " مسنده " بسند ابن ماجه .

                                                                                                        وأما حديث علي بن أبي طالب ، فرواه الحاكم في " المستدرك " والدارقطني في " سننه " من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه مرفوعا نحوه ، سواء ، وسكت الحاكم عنه .

                                                                                                        وأما حديث أنس ، فرواه عبد الرزاق في " مصنفه " والدارقطني في " سننه " أخبرنا الثوري عن أبان بن أبي عياش عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، قال الدارقطني : وأبان متروك .

                                                                                                        وأما حديث ابن عباس : فرواه الدارقطني أيضا من حديث موسى بن سلمة عن ابن عباس مرفوعا نحوه ، ثم قال : والصواب موقوف . ورواه الحاكم في " المستدرك " وسكت عنه .

                                                                                                        وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الدارقطني أيضا من جهة عمرو بن شعيب [ ص: 161 ] عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه . ورواه الحاكم في " المستدرك " وسكت عنه .

                                                                                                        وأما حديث أبي بكر الصديق فرواه الدارقطني أيضا من حديث عبد العزيز عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن أبي بكر الصديق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر الحديث ، وفي سنده عبد العزيز بن عمران ، وهو " ابن أبي ثابت " .

                                                                                                        قال الذهبي : مجمع على ضعفه . ثم أخرجه عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل عن أبي بكر موقوفا ، قال الذهبي : وهذا سند صحيح انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " من حديث السري بن عاصم الهمذاني عن محمد بن عبيد الله بن عمر به مرفوعا ، وأعله بالسري ، وقال : إنه يسرق الحديث ويرفع الموقوف ، لا يحل الاحتجاج به ، وإنما هو من قول أبي بكر الصديق ، فأسنده انتهى .

                                                                                                        وأما حديث الفراسي ، فرواه ابن عبد البر في " التمهيد " حدثنا خالد بن القاسم ثنا أحمد بن الحسن الرازي ثنا أبو الزنباع روح بن الفرج القطان ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي أنه حدث { أن الفراسي ، قال : كنت أصيد في البحر الأخضر على أرماث ، وكنت أحمل قربة لي فيها ماء ، فإذا لم أتوضأ من القربة رفق ذلك بي وبقيت لي ، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت ذلك عليه ، فقال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته }انتهى .

                                                                                                        قال عبد الحق في " أحكامه " : حديث الفراسي هذا لم يروه . فيما أعلم . إلا مسلم بن مخشي ، ومسلم بن مخشي لم يرو عنه فيما أعلم إلا بكر بن سوادة انتهى .

                                                                                                        قال ابن القطان في " كتابه " : وقد خفي على عبد الحق ما فيه من الانقطاع ، فإن ابن مخشي لم يسمع من الفراسي ، وإنما يرويه عن ابن الفراسي عن أبيه ، ويوضح ذلك ما حكاه الترمذي . في " علله " قال : سألت محمد بن إسماعيل عن حديث ابن الفراسي في ماء البحر ، فقال : حديث مرسل لم يدرك ابن الفراسي النبي صلى الله عليه وسلم والفراسي له صحبة ، قال : فهذا كما تراه يعطي أن الحديث يروى عن ابن الفراسي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر فيه الفراسي ، فمسلم بن مخشي إنما يروي عن الابن ، وروايته عن الأب مرسلة انتهى .

                                                                                                        قلت : حديث ابن الفراسي رواه ابن ماجه في " سننه " حدثنا سهل بن أبي سهيل [ ص: 162 ] ثنا يحيى بن بكير حدثني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن { ابن الفراسي ، قال : كنت أصيد ، وكانت لي قربة أجعل فيها ماء وإني توضأت بماء البحر ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : هو الطهور ماؤه الحل ميتته }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية