الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن إسحاق : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشعث بن قيس في وفد كندة ، فحدثني الزهري أنه قدم في ثمانين راكبا من كندة ، فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده قد رجلوا جممهم وتكحلوا ، عليهم جبب [ ص: 312 ] الحبرة قد كففوها بالحرير ، فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : " ألم تسلموا ؟ " قالوا : بلى . قال : " فما بال هذا الحرير في أعناقكم ؟ " قال : فشقوه منها فألقوه ، ثم قال له الأشعث بن قيس : يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار ، وأنت ابن آكل المرار . قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث " . وكانا تاجرين ، إذا شاعا في العرب فسئلا : ممن أنتما ؟ قالا : نحن بنو آكل المرار . يعني ينتسبان إلى كندة ليعزا في تلك البلاد ; لأن كندة كانوا ملوكا ، فاعتقدت كندة أن قريشا منهم لقول عباس وربيعة : نحن بنو آكل المرار . وهو الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندي . ويقال : ابن كندة . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم : " لا ، نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفوا أمنا ، ولا ننتفي من أبينا " . فقال لهم الأشعث بن قيس : والله يا معشر كندة لا أسمع رجلا يقولها إلا ضربته ثمانين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد روي هذا الحديث متصلا من وجه آخر ، فقال الإمام أحمد : حدثنا [ ص: 313 ] بهز وعفان قالا : حدثنا حماد بن سلمة حدثني عقيل بن طلحة - وقال عفان في حديثه : أنبأنا عقيل بن طلحة السلمي - عن مسلم بن هيصم ، عن الأشعث بن قيس أنه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة - قال عفان : لا يروني أفضلهم - قال : قلت : يا رسول الله ، إنا نزعم أنكم منا . قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا " . قال : قال الأشعث : فوالله لا أسمع أحدا نفى قريشا من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد . وقد رواه ابن ماجه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون وعن محمد بن يحيى ، عن سليمان بن حرب ، وعن هارون بن حيان ، عن عبد العزيز بن المغيرة ثلاثتهم ، عن حماد بن سلمة به نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الإمام أحمد : حدثنا سريج بن النعمان ، حدثنا هشيم ، أنبأنا مجالد ، عن الشعبي ، حدثنا الأشعث بن قيس قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة فقال لي : " هل لك من ولد ؟ " قلت : غلام ولد [ ص: 314 ] لي في مخرجي إليك من ابنة جمد ، ولوددت أن مكانه شبع القوم . قال : " لا تقولن ; ذلك فإن فيهم قرة عين ، وأجرا إذا قبضوا ثم ، ولئن قلت ذاك إنهم لمجبنة محزنة ، إنهم لمجبنة محزنة " تفرد به أحمد وهو حديث حسن جيد الإسناد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية