الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                4700 باب من أوتر بتسع أو بسبع يجلس في الأخريين منهن ويسلم في آخرهن

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكي ، ثنا أحمد بن سلمة ، ثنا محمد بن بشار العبدي ، ثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد . ( وأخبرنا ) أبو عبد الله ، ثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبي ، ثنا يحيى ، ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن زرارة بن أوفى ، عن سعد بن هشام : أنه طلق امرأته ثم ارتحل إلى المدينة ليبيع عقارا له بها ، ويجعله في السلاح والكراع ، ثم يجاهد الروم حتى يموت ، فلقي رهطا من قومه فحدثوه : أن رهطا من قومه ستة أرادوا ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أليس فيكم أسوة حسنة " . فنهاهم ، عن ذلك ، [ ص: 30 ] وأشهدهم على رجعتها ، ثم رجع إلينا ، فأخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن الوتر ، فقال : ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . قال : ائت عائشة فسلها ، ثم ارجع إلي فأخبرني بردها عليك . قال : فأتيت حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها ، فقال : ما أنا بقاربها ، إني نهيتها أن تقول في هاتين البيعتين شيئا ، فأبت فيهما إلا مضيا . فأقسمت فجاء معي فدخلنا عليها فقالت : حكيم ؟ وعرفته قال : نعم أو بلى . قالت : من هذا معك ؟ قال : سعد بن هشام . قالت : ابن عامر . فترحمت عليه ، وقالت : نعم المرء كان عامر . فقلت : يا أم المؤمنين ، أنبئيني ، عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت : ألست تقرأ القرآن ؟ قلت : بلى . قالت : فإن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في القرآن . فهممت أن أقوم فبدا لي قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : ألست تقرأ هذه السورة ( يا أيها المزمل ) قلت : بلى . قالت : فإن الله - عز وجل - افترض قيام الليل في أول هذه السورة ، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم ، وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا ، ثم أنزل الله - عز وجل - التخفيف في آخر هذه السورة ، فصار قيام الليل تطوعا من بعد فريضة ، فهممت أن أقوم ، ثم بدا لي وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قلت : يا أم المؤمنين ، أنبئيني ، عن وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت : كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله بما شاء أن يبعثه من الليل ، فيتسوك ، ثم يتوضأ ، ثم يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة ، فيجلس ويذكر ربه - عز وجل - ويدعو ويستغفر ، ثم ينهض ولا يسلم ثم يسلم ، ثم يصلي التاسعة فيقعد فيحمد ربه ، ويذكره ويدعو ثم يسلم تسليما ، يسمعنا ثم يصلي ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم ، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني ، فلما أسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ اللحم أوتر بسبع ، ثم صلى ركعتين وهو جالس بعد ما يسلم ، فتلك تسع يا بني ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى صلاة أحب أن يدوم عليها ، وكان إذا شغله ، عن قيام الليل نوم أو وجع أو مرض صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ، ولا أعلم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كله في ليلة ، ولا قام ليلة حتى أصبح ، وما صام شهرا كاملا غير رمضان . فأتيت ابن عباس فحدثته بحديثها فقال : صدقت ، أما لو كنت أدخل عليها لأتيتها حتى تشافهني مشافهة . رواه مسلم في الصحيح ، عن محمد بن المثنى ، عن ابن أبي عدي ، عن سعيد .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية