الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قدوم أعشى بني مازن على النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال عبد الله بن الإمام أحمد : حدثني العباس بن عبد العظيم العنبري ، ثنا أبو سلمة عبيد بن عبد الرحمن الحنفي قال : حدثني الجنيد بن أمين بن ذروة بن نضلة بن طريف بن بهصل الحرمازي ، حدثني أبي أمين ، عن أبيه ذروة عن أبيه نضلة أن رجلا منهم يقال له : الأعشى . واسمه عبد الله بن الأعور كانت عنده امرأة يقال لها : معاذة . خرج في رجب يمير أهله من هجر ، فهربت امرأته بعده ناشزا عليه ، فعاذت برجل منهم يقال له : مطرف بن نهشل بن [ ص: 315 ] كعب بن قميثع بن ذلف بن أهضم بن عبد الله بن الحرماز ، فجعلها خلف ظهره ، فلما قدم لم يجدها في بيته ، وأخبر أنها نشزت عليه ، وأنها عاذت بمطرف بن نهشل فأتاه فقال : يا ابن عم ، أعندك امرأتي معاذة ؟ فادفعها إلي . قال : ليست عندي ، ولو كانت عندي لم أدفعها إليك . قال : وكان مطرف أعز منه . قال : فخرج الأعشى حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فعاذ به وأنشأ يقول :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا سيد الناس وديان العرب إليك أشكو ذربة من الذرب     كالذئبة الغبساء في ظل السرب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خرجت أبغيها الطعام في رجب     فخلفتني بنزاع وهرب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أخلفت الوعد ولطت بالذنب     وقذفتني بين عصر مؤتشب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهن شر غالب لمن غلب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " وهن شر غالب لمن غلب " . فشكى إليه امرأته [ ص: 316 ] وما صنعت به ، وأنها عند رجل منهم يقال له : مطرف بن نهشل ، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم إلى مطرف : " انظر امرأة هذا ، معاذة ، فادفعها إليه " . فأتاه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقرئ عليه ، فقال لها : يا معاذة ، هذا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فيك ، فأنا دافعك إليه . فقالت : خذ لي عليه العهد والميثاق وذمة نبيه أن لا يعاقبني فيما صنعت . فأخذ لها ذلك عليه ، ودفعها مطرف إليه ، فأنشأ يقول :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لعمرك ما حبي معاذة بالذي     يغيره الواشي ولا قدم العهد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولا سوء ما جاءت به إذ أزالها     غواة الرجال إذ يناجونها بعدي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية