الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 549 ] باب الاختلاف في المؤلفة

                                                                                                                                            قال الشافعي - رحمه الله - : " قال بعض الناس لا مؤلفة . فيجعل سهمهم وسهم سبيل الله في الكراع والسلاح في ثغور المسلمين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد مضت مسائل هذا الباب مشروحة بدلائلها ، وإنما أورده الشافعي مقصورا على ذكر الاختلاف فيها والاحتجاج عليها فاقتصرنا منه على الإشارة إلى تفصيل ما أورده ، فمن ذلك مسألتان قدمهما في هذا الفصل :

                                                                                                                                            إحداهما : في سهم المؤلفة .

                                                                                                                                            والثانية : في سهم سبيل الله .

                                                                                                                                            فأما سهم المؤلفة فإن أبا حنيفة أسقطه وزعم أن لا مؤلفة للاستغناء عنهم بقوة الدين وإعزاز المسلمين ، وهو عند الشافعي ثابت على الشرح الذي قدمناه : لأن الله تعالى أثبت لهم في آية الصدقات سهما فلم يجز نسخه بعد انقطاع الوحي ، ولأن ما بقي للإسلام أعداء يلزم جهادهم بقي مؤلفة يتألف قلوبهم كالعصر الأول .

                                                                                                                                            وأما سهم سبيل الله تعالى فإن أبا حنيفة زعم أنه مصروف مع سهم المؤلفة في الكراع والسلاح في ثغر المسلمين ، وعند الشافعي أنه مصروف على ما قدمناه في الغزاة والمجاهدين ، ولا يجوز أن يشتري به كراعا ولا سلاحا لمن لم يتعين منهم : لأن الله تعالى جعل مال الصدقات مصروفا إلى مالكين ، فإن تعين الغزاة الذين يعطون تلك الصدقات واحتاجوا إلى كراع وسلاح ، فإن كان قاسم الصدقة رب المال لم يجز أن يشتري لهم بسهمهم كراعا وسلاحا ودفع إليهم عين ماله ليتولوا بأنفسهم شراء ما احتاجوا إليه من كراع وسلاح لئلا يصير رب المال دافعها قيمة زكاة ؛ إذ يمنع الشافعي منها ، وإن كان قاسم الصدقة واليا ففي جواز اتباعه ذلك لهم وجهان مضيا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية