الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      كذبت قبلهم قوم نوح شروع في تعداد بعض ما ذكر من الأنبياء الموجبة للازدجار ونوع تفصيل لها وبيان لعدم تأثرهم بها تقريرا لفحوى قوله تعالى : فما تغن النذر والفعل منزل منزلة اللازم أي فعلت التكذيب قبل تكذيب قومك قوم نوح : وقوله تعالى : فكذبوا عبدنا تفسير لذلك التكذيب المبهم كما في قوله تعالى : ونادى نوح ربه فقال [هود : 45] إلخ ، وفيه مزيد تحقيق وتقرير للتكذيب ، وجوز أن يكون المعنى كذبوا تكذيبا إثر تكذيب كلما خلا منهم قرن مكذب جاء عقيبه قرن آخر مكذب مثله ، أو كذبت قوم نوح الرسل فكذبوا عبدنا أي لما كانوا مكذبين للرسل جاحدين للنبوة رأسا كذبوا نوحا لأنه من جملة الرسل ، والفاء عليه سببية ، وقيل : معنى كذبت قصدت التكذيب وابتدأته ، ومعنى فكذبوا أتموه وبلغوا نهايته كما قيل في قوله : وقد جبر الدين الإله فجبر وفي ذكره عليه السلام بعنوان العبودية مع الإضافة إلى نون العظمة تفخيم له عليه السلام ورفع لمحله وتشنيع لمكذبيه . وقالوا مجنون أي لم يقتصروا على مجرد التكذيب بل نسبوه إلى الجنون فقالوا هو مجنون وازدجر عطف على - قالوا - وهو إخبار منه عز وجل أي وزجر عن التبليغ بأنواع الأذية والتخويف قاله ابن زيد ، وقرأ لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين [الشعراء : 116] وقال مجاهد : هو من تمام قولهم أي هو مجنون ، وقد ازدجرته الجن وذهبت بلبه وتخبطته ، والأول أظهر وأبلغ ، وجعل مبنيا للمفعول لغرض الفاصلة ، وطهر الألسنة عن ذكرهم دلالة على أن فعلهم أسوأ من قولهم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية