الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5466 ) فصل : فإن أسلم وتحته إماء وحرة ، ففيه ثلاث مسائل ; إحداهن ، أسلم وأسلمن معه كلهن ، فإنه يلزم نكاح الحرة ، وينفسخ نكاح الإماء ; لأنه قادر على الحرة ، فلا يختار أمه . وقال أبو ثور : له أن يختار . وقد مضى الكلام معه . الثانية ، أسلمت الحرة معه دون الإماء ، فقد ثبت نكاحها ، وانقطعت عصمة الإماء ، فإن لم يسلمن حتى انقضت عدتهن ، بن باختلاف الدين ، وابتداء عددهن من حين أسلم . وإن أسلمن في عددهن ، بن من حين إسلام الحرة ، وعددهن من حين إسلامها . فإن ماتت الحرة بعد إسلامها ، لم يتغير الحكم بموتها ; لأن موتها بعد ثبوت نكاحها وانفساخ نكاح الإماء ، لا يؤثر في إباحتهن . الثالثة ، أسلم الإماء دون الحرة وهو معسر ، فلا يخلو ; إما أن تنقضي عدتها قبل إسلامها ، فتبين باختلاف الدين ، وله أن يختار من الإماء ; لأنه لم يقدر على الحرة ، أو تسلم في عدتها فيثبت نكاحها ، ويبطل نكاح الإماء ، كما لو أسلمن دفعة واحدة ، وليس له أن يختار من الإماء قبل إسلامها وانقضاء عدتها ; لأننا لا نعلم ، أنها لا تسلم ، فإن [ ص: 129 ] طلق الحرة ثلاثا قبل إسلامها ، ثم لم تسلم ، لم يقع الطلاق ; لأنا تبينا أن النكاح انفسخ باختلاف الدين ، وله الاختيار من الإماء ، وإن أسلمت في عدتها ، بان أن نكاحها كان ثابتا ، وأن الطلاق وقع فيه ، والإماء بن بثبوت نكاحها قبل الطلاق

                                                                                                                                            ( 5467 ) فصل : وإن أسلم وتحته إماء وحرة ، فأسلمن ، ثم عتقن قبل إسلامها ، لم يكن له أن يختار منهن ; لأن نكاح الأمة لا يجوز لقادر على حرة وإنما يعتبر حالهن حال ثبوت الاختيار ، وهو حالة اجتماع إسلامه وإسلامهن ، ثم ننظر ; فإن لم تسلم الحرة ، فله الاختيار منهن ، ولا يختار إلا واحدة ، اعتبارا بحالة اجتماع إسلامه وإسلامهن ، وإن أسلمت في عدتها ، ثبت نكاحها ، وانقطعت عصمتهن ، فإن كان قد اختار واحدة من المعتقات في عدة الحرة ، ثم لم تسلم فلا عبرة باختياره ، وله أن يختار غيرها ; لأن الاختيار لا يكون موقوفا ، فأما إن عتقن قبل أن يسلمن ، ثم أسلمن واجتمعن معه على الإسلام وهن حرائر ، فإن كان جميع الزوجات أربعا فما دون ، ثبت نكاحهن ، وإن كن زائدات على أربع ، فله أن يختار منهن أربعا ، وتبطل عصمة الخامسة ; لأنهن صرن حرائر في حالة الاختيار ، وهي حالة اجتماع إسلامه وإسلامهن ، فصار حكمهن حكم الحرائر الأصليات ، وكما لو أعتقن قبل إسلامه وإسلامهن ، ولو أسلمن قبله ، ثم أعتقن ، ثم أسلم ، فكذلك ، ويكون الحكم في هذا كما لو أسلم وتحته خمس حرائر أو أكثر ، على ما مر تفصيله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية