الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان معنى الإسلام والإيمان والإحسان

«والإسلام» : هو انقياد الجوارح والأركان والأعضاء للشرع الشريف .

والإيمان» : هو تصديق القلب والجنان ، والفؤاد والخلد ، بما ذكر من الأملاك والمعاد وغيرها .

[ ص: 102 ] «والإحسان» : هو إخلاص الباطن الصادق في أعمال الجوارح وأفعال القلوب .

فمن جمع بين هذه كلها ، فقد استكمل الإيمان ، ومن أخل بشيء منها ، فهو من الإيمان في خسران أو نقصان .

وأصعب هذه الثلاثة اثنان : 1- الإسلام 2- ثم الإحسان; لأن العاصي غير منقاد ، وغير المخلص صاحب رياء أو نفاق .

والعامل بالأول ، والآتي بالثاني قليل جدا ، عزيز وجودا ، والمؤمنون بالله ، ورسله ، وكتبه ، وملائكته وغيرها كثيرون ، وكان منكرو القدر في زمن سالف ، وأما اليوم ، فهم في المسلمين أقل ، وفي غيرهم أكثر .

قال في «أشعة اللمعات» : «الإسلام» : اسم لظاهر الأعمال ، والإيمان» : اسم لباطن الاعتقاد ، و «الدين» عبارة عن مجموعهما .

وما قيل في العقائد : إن الإسلام والإيمان شيء واحد ، فهو بمعنى أن كل مؤمن مسلم ، وكل مسلم مؤمن ، ولا يجوز نفي أحدهما عن الآخر .

وفي الحقيقة : «الإسلام» ثمرة الإيمان ، وفرعه . وهو في اللغة بمعنى : الانقياد ، وامتثال الأمر ، وتسليم الحكم بلا إعراض واعتراض ، والتوازيع بالطبوع والرغبة .

وفي الشرع : عبارة عن الإطاعة والإتيان بأوامر الله تعالى ونواهيه ، والاعتمال بالأركان الخمسة المذكورة هنا . وللعلماء في ذلك كلام طويل ، والتحقيق ما ذكرناه .

قال : والظاهر من هذا الحديث : أن التكلم بلفظ الشهادة شرط في الإسلام ، فإن لم يتلفظ بالشهادة ، ويقول : أعلم ، لا يكون مسلما .

ولكن علم من الضرورة الدينية أن القول بمجرد لا إله إلا الله محمد [ ص: 103 ] رسول الله يصيره مسلما ، وحيث إن صيغة «أشهد» وردت في الأحاديث ، لا بد وأن يكون التلفظ بها أولى وأصوب ، كذا قالوا . انتهى .

ولا بد في الإسلام من خمسة أركان . الركن الأول : التلفظ بالشهادتين .

والركن الثاني للإسلام : هو الصلاة ، وكونها ركنا وبناء له يفيد أن تاركها غير مسلم .

والمراد بإقامتها : تعديل الأركان ، ومحافظة شروطها ، ورعاية آدابها وسننها ، وقراءة الفاتحة فيها عقب الإمام ، والجهر بالتأمين ، والرفع لليدين ، وغيرها مما جاءت به السنة الصحيحة المطهرة المحكمة الصريحة .

والركن الثالث : الزكاة المفروضة على كل ذي نصاب ، وهي في اللغة بمعنى : التطهير ، والزيادة والنماء .

وإيتاؤها سبب لنمو المال ، وزيادته ، والبركة فيه ، وطهارة صاحبها عن رذيلة البخل والإمساك .

وتاركها فاسق بالاتفاق على الإطلاق ، بل هو من أعاظم الفساق; لأن الله ذكرها مع الصلاة في مواضع كثيرة ، وجعلها ركنا من أركان الدين ، وفريضة من فرائض الشرع المبين .

والركن الرابع : صوم رمضان ، وهو في اللغة : إمساك مطلق ، وفي الشرع : عبارة عن إمساك النفس عن الطعام ، والشراب ، والجماع .

وقال سفيان الثوري وغيره من أهل العلم : إنه يدخل فيه حفظ اللسان عن غيبة الإنسان . وعنده : الغيبة مفطرة له . وتارك الصوم له حكم الفاسق .

والصوم الكامل : أن يصون جميع أعضائه وحواسه ما نهى عنه الشرع أو كرهه .

[ ص: 104 ] والركن الخامس : الحج ، وهو قصد بيت الله الكعبة ، وتأدية مناسكه ، ووجوبه على المستطيع ، لا سواه .

التالي السابق


الخدمات العلمية