الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 221 ] فصل ( استحباب غسل اليدين قبل الطعام وبعده ) .

يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده وعنه يكره ، اختاره القاضي كذا ذكره السامري وغيره .

وقال في المحرر وعنه يكره قبله وقال مالك لا يستحب غسل اليد للطعام إلا أن يكون على اليد أولا قذر أو يبقى عليها بعد الفراغ رائحة وذكر في شرح مسلم أن للعلماء في استحباب ذلك قبل الطعام وبعده أقوالا ثم ذكر الأظهر تفصيلا وهو معنى كلام مالك .

وقد روى قيس بن الربيع وقد ضعفه جماعة ووثقه آخرون عن أبي هاشم عن زاذان عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { بركة الطعام الوضوء قبله وبعده } . قال مهنا ذكرت هذا الحديث لأحمد فقال ما حدث به إلا قيس بن الربيع وهو منكر الحديث قلت بلغني عن يحيى بن سعيد قال كان سفيان يكره غسل اليد عند الطعام ، لم يكره سفيان ذلك ؟ قال : لأنه من زي العجم قال مهنا : وذكرته ليحيى بن معين فقال لي يحيى : ما أحسن الوضوء قبله وبعده .

وقال الترمذي : لا يعرف إلا من حديث قيس بن الربيع . وعن أنس مرفوعا { من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع } إسناده ضعيف رواه ابن ماجه وغيره .

قال الشيخ تقي الدين من كرهه قال هذا من فعل اليهود فيكره التشبه بهم وأما حديث سلمان فقد ضعفه بعضهم قال كان هذا في أول الإسلام لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ولهذا كان يسدل شعره موافقة [ ص: 222 ] لهم ثم فرق بعد ذلك ثم صام عاشوراء لما قدم المدينة ثم إنه قال قبل موته { لئن عشت إلى قابل لأصومن التاسع } يعني مع العاشر ; لأجل مخالفة اليهود .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقرب إليه الطعام فقالوا : ألا نأتيك بوضوء قال إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة } رواه جماعة منهم الترمذي وحسنه والبيهقي وصححه .

وذكر الشيخ تقي الدين أن هذا ينفي وجوب الوضوء عند كل حدث وإن قوله عليه السلام لبلال { ما دخلت الجنة إلا سمعت خشخشتك أمامي } الحديث قال يقتضي استحباب الوضوء عند كل حدث .

وقال البيهقي الحديث في غسل اليدين بعد الطعام حسن ولم يثبت في غسل اليدين قبل الطعام حديث وقال جماعة من العلماء : المراد بالوضوء في هذه الأحاديث غسل اليدين لا الوضوء الشرعي وقال الشيخ : تقي الدين ولم نعلم أحدا استحب الوضوء للأكل إلا إذا كان الرجل جنبا انتهى كلامه .

وقال سعيد ثنا فضيل بن عياض عن مغيرة عن إبراهيم قال كانوا يحبون أن يتوضئوا وضوء الصلاة عند النوم والطعام قال في الرعاية : ويسن غسل يده وفمه من ثوم وبصل ورائحة كريهة غيرهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية