الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : وقال تعالى : يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن [ الأحزاب : 32 ] فأبانهن به من نساء العالمين " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا مما خص الله تعالى به رسوله من الكرامات أن فضل نساءه على نساء العالمين ، فقال تعالى : لستن كأحد من النساء [ الأحزاب : 32 ] وذلك لأربعة أشياء :

                                                                                                                                            أحدها : لما خصهن الله تعالى من خلوة رسوله ونزول الوحي بينهن .

                                                                                                                                            والثاني : لاصطفائهن لرسوله أزواجا في الدنيا وأزواجا في الآخرة .

                                                                                                                                            والثالث : لما ضاعفه لهن من ثواب الحسنات وعقاب السيئات .

                                                                                                                                            والرابع : لما جعلهن للمؤمنين أمهات محرمات ، فصرن بذلك من أفضل النساء ، وفيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : من أفضل نساء زمانهن . والثاني : أفضل النساء كلهن .

                                                                                                                                            وفي قوله إن اتقيتن تأويلان محتملان :

                                                                                                                                            أحدهما : معناه إن استدمتن التقوى فلستن كأحد من النساء .

                                                                                                                                            والثاني : معناه لستن كأحد من النساء ، فكن أخصهن بالتقوى .

                                                                                                                                            فعلى التأويل الأول يكون معناه معنى الشرط ، وعلى التأويل الثاني معناه معنى الأمر ، ثم قال تعالى : فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض [ الأحزاب : 32 ] وفي خضوعهن بالقول خمسة تأويلات :

                                                                                                                                            أحدها : فلا ترفعن بالقول . وهو قول السدي .

                                                                                                                                            والثاني : فلا ترخصن بالقول . وهو قول ابن عباس .

                                                                                                                                            والثالث : فلا تكلمن بالرفث . وهو قول الحسن .

                                                                                                                                            والرابع : هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب . وهو قول الكلبي . [ ص: 18 ] والخامس : هو ما يدخل من قول النساء في قلوب الرجال . وهو قول ابن زيد ، وفي قوله فيطمع الذي في قلبه مرض تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه الفجور . وهو قول السدي .

                                                                                                                                            والثاني : أنه النفاق . وهو قول قتادة . وكان أكثر ما يصيب الحدود في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقون ،

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية