الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              2735 [ ص: 596 ] 73 - باب: فضل رباط يوم في سبيل الله

                                                                                                                                                                                                                              وقول الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا الآية [آل عمران : 200] .

                                                                                                                                                                                                                              2892 - حدثنا عبد الله بن منير ، سمع أبا النضر ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها ، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها ، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها " . [انظر : 2794 - مسلم: 1881 - فتح: 6 \ 85]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما (عليها ) ، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها ، (والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها ) " .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا بدون الزيادة الأخيرة ، وفي الآية أقوال :

                                                                                                                                                                                                                              أحدها : عن الحسن وقتادة وابن جريج والضحاك : اصبروا على طاعة الله وصابروا أعداءه ورابطوا في سبيله .

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها : عن محمد بن كعب القرظي : اصبروا على دينكم ، وصابروا (وعدي ) ، ورابطوا أعداءكم واتقوا الله فيما بيني وبينكم

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 597 ] لعلكم تفلحون غدا إذا لقيتموني .

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها : عن زيد بن أسلم : اصبروا على الجهاد وصابروا العدو ورابطوا الخيل عليه .

                                                                                                                                                                                                                              رابعها : رابطوا : انتظروا الصلاة بعد الصلاة في المساجد ; لأنه لم يكن حينئذ رباط ولا فتحت البلدان التي يكون فيها الرباط .

                                                                                                                                                                                                                              خامسها : اصبروا على المصائب وصابروا الصلوات الخمس ورابطوا أعداء الله وروي عن الحسن .

                                                                                                                                                                                                                              والرباط ضربان : المقام بالثغر وهو غير الوطن فإن كان وطنه فليس برباط ، قاله مالك فيما نقله ابن حبيب ، والأصل فيه الآية المذكورة وحديث الباب : "رباط يوم . . " إلى آخره .

                                                                                                                                                                                                                              و رباط الخيل : أصله من الربط بالحبل والمقود ، فمعنى ربطها في سبيل الله : اتخاذها لهذا ، قال تعالى : وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل [الأنفال : 60] .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن قتيبة : أصل الرباط والمرابطة أن يربط هؤلاء خيولهم وهؤلاء خيولهم في الثغر ، كل يعد لصاحبه ، وإنما صار رباط يوم في سبيل الله خيرا من الدنيا وما فيها ; لأنه عمل يؤدي إلى الجنة ،

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 598 ] وصار موضع سوط في الجنة خيرا من الدنيا وما فيها من أجل أن الدنيا فانية ، وكل شيء في الجنة باق ، وإن صغر في التمثيل قلنا : (وليس ) ، لباقيها صغير فهو أدوم وأبقى من الدنيا الفانية المنقطعة ، فكان الباقي الدائم خيرا من المنقطع .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية