الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما أخبر - سبحانه وتعالى - بأنهم احتووا على المال؛ والجاه؛ بما كتموا من العلم؛ وأظهروا من خلافه المتضمن لمحبة أهل دينهم فيهم؛ وثنائهم عليهم بأنهم على الدين الصحيح؛ وأنهم أهل العلم؛ فهم أهل الاقتداء بهم; قال - سبحانه وتعالى - مخبرا عن مآلهم؛ تحذيرا من مثل حالهم؛ على وجه يعم كل امرئ: لا تحسبن ؛ على قراءة الجماعة؛ بالغيب؛ الذين يفرحون بما أتوا ؛ أي: مما يخالف ظاهره باطنه؛ وتوصلوا به إلى الأغراض الدنيوية؛ من الأموال والرئاسة؛ وغير ذلك؛ أي: لا يحسبن أنفسهم؛ وفي قراءة الكوفيين؛ ويعقوب؛ بالخطاب؛ المعنى: لا تحسبنهم أيها الناظر لمكرهم؛ ورواجهم بسببه؛ في الدنيا؛ واصلين إلى خير؛ ويحبون أن يحمدوا ؛ أي: يوجد الثناء بالوصف الجميل عليهم؛ بما لم يفعلوا ؛ أي: بذلك الباطن الذي لم يفعلوه؛ قال ابن هشام؛ في السيرة: "أن يقول الناس: "علماء"؛ وليسوا بأهل علم؛ لم يتحملوهم على هدى؛ ولا حق".

                                                                                                                                                                                                                                      ولما تسبب عن ذلك العلم بهلاكهم؛ قال: فلا تحسبنهم ؛ أي: تحسبن أنفسهم؛ على قراءة ابن كثير؛ وأبي عمرو؛ بالغيب؛ وضم الباء؛ [ ص: 154 ] وعلى قراءة الجماعة المعنى: لا تحسبنهم؛ أيها الناظر؛ بمفازة من العذاب ؛ بل هم بمهلكة منه؛ ولهم عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية