الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      مسألة [ تعدد وجوه المجاز ] إذا تعذرت الحقيقة وتعددت وجوه المجاز ، وكان بعضها أقرب إلى الحقيقة تعين الحمل عليه . قال ابن دقيق في " شرح الإلمام " : هذه إذا كانت المجازات بينها تناف في الحمل ، فإن لم يكن ومنع من الحمل عليها مانع ، وأحدها أقرب إلى الحقيقة تعين الحمل على الأقرب منهما ، أو يحمل عليهما جميعا لتناول ذلك الوجه العام لها ، وعدم المنافي يحتمل أن يحمل على الأقرب إلى الحقيقة ، ويحتمل أن يحمل عليهما ; لأن في الحمل على الأقرب محذور التخصيص مع إمكان التعميم ، بخلاف ما إذا تعددت وجوه المجاز ، ووقع التنافي في الحمل ، فإنه ليس فيه هذا المحذور . ومثال ما إذا تعذر الحمل على الحقيقة وتعددت وجوه المجاز مع التنافي : ما إذا دخل على الحقيقة اللغوية وتعذر الحمل عليها ، كما في لا عمل إلا بنية [ ص: 114 ] مثلا ، فإن الحقيقة متعذرة ، واحتمل أن يقدر : لا صحة عمل ، واحتمل أن يقدر لا كمال عمل فهذان وجهان من المجاز ، وفي الحمل على أحدهما منافاة للآخر ; لأنا إذا قلنا : لا صحة لزم انتفاء الكمال ، وإذا قلنا : لا كمال لم يلزم انتفاء الصحة ، والحمل على الصحة أقرب إلى انتفاء الحقيقة من الحمل على الكمال . قلت : ومن المرجحات عند تعذر الحقيقة وتعدد المجاز فيها ما تحققت علاقته ، فهو أولى مما لم تتحقق علاقته : مثاله : قوله عليه الصلاة والسلام : { البيعان بالخيار ما لم يتفرقا } . فإن الحنفية حملوه على المتساويين ، وأطلق عليهما بائعين باعتبار المستقبل ، والشافعية حملوه على من صدر منهما البيع باعتبار الماضي ، وكل منهما مجاز ، لكن مجاز الشافعية أولى لوجهين : أحدهما : أن العلاقة متحققة بخلاف إطلاق الفعل ، وإرادة المستقبل ، فإنه قد لا يتحقق صدور البيع . الثاني : الاتفاق على مجازيته باعتبار المستقبل ، والاختلاف فيه باعتبار الماضي هل هو حقيقة أم لا ؟ فكان راجحا بهذا الاعتبار .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية