الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن القسم بينهن لم يكن واجبا ، وإنما كان يتطوع به . وهو قول أبي سعيد الإصطخري وطائفة : لما في وجوبه عليه من التشاغل عن لوازم الرسالة ولقوله تعالى : ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء [ الأحزاب : 51 ] وفيه تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : معناه تعزل من شئت من أزواجك فلا تأتيها وتأتي من شئت من أزواجك فلا تعزلها ، هذا قول مجاهد .

                                                                                                                                            والثاني : معناه تؤخر من شئت من أزواجك ، وتضم إليك من تشاء من أزواجك . وهذا قول قتادة . ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك [ الأحزاب : 51 ] أي من ابتغيت فآويته إليك ممن عزلت أن تؤويه إليك ، فلا جناح عليك فيه تأويلان :

                                                                                                                                            [ ص: 26 ] أحدهما : فلا جناح عليك فيمن ابتغيت وفيمن عزلت . وهو قول يحيى بن سلام .

                                                                                                                                            والثاني : فلا جناح عليك فيمن عزلت أن تؤويه إليك . وهو قول مجاهد .

                                                                                                                                            ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن [ الأحزاب : 51 ] فيه تأويلان :

                                                                                                                                            أحدهما : إذا علمن أن له ردهن إلى فراشه إذا اعتزلهن قرت أعينهن فلم يحزن . وهذا قول مجاهد .

                                                                                                                                            والثاني : إذا علمن أن هذا من حكم الله تعالى فيهن قرت أعينهن و لم يحزن . وهذا قول قتادة . فاختلفوا : هل أرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية أحدا من نسائه أم لا ؟ فالذي عليه الأكثرون أنه لم يرج منهن أحدا ، وأنه مات عن تسع ، فكان يقسم منهن لثمان ، لأن سودة وهبت يومها لعائشة ، روى منصور عن ابن رزين قال : بلغ بعض نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه يريد أن يخلي سبيلهن ، فأتينه ، فقلن : لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك ، فأرجأ منهن نسوة وآوى نسوة ، فكان ممن أرجأ ميمونة وجويرية وأم حبيبة وصفية وسودة ، وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء ، وكان ممن آوى عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة ، فكان قسمه من نفسه وماله فيهن سواء ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية