الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ( 25 ) )

يقول - تعالى ذكره - : لقد أرسلنا رسلنا بالمفصلات من البيان والدلائل ، وأنزلنا معهم الكتاب بالأحكام والشرائع والميزان بالعدل .

كما حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( الكتاب والميزان ) قال : الميزان : العدل .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ) بالحق قال : الميزان : ما يعمل الناس ، ويتعاطون عليه في الدنيا من معايشهم التي يأخذون ويعطون ، يأخذون بميزان ، ويعطون بميزان . يعرف ما يأخذ وما يعطي . قال : والكتاب فيه دين الناس الذي يعملون ويتركون ، فالكتاب للآخرة ، والميزان للدنيا . [ ص: 201 ]

وقوله : ( ليقوم الناس بالقسط ) يقول - تعالى ذكره - : ليعمل الناس بينهم بالعدل .

وقوله : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ) يقول - تعالى ذكره - : وأنزلنا لهم الحديد فيه بأس شديد ، يقول : فيه قوة شديدة ، ومنافع للناس ، وذلك ما ينتفعون به منه عند لقائهم العدو ، وغير ذلك من منافعه .

وقد حدثنا ابن حميد قال : ثنا يحيى بن واضح قال : ثنا الحسين ، عن علباء بن أحمر ، عن عكرمة عن ابن عباس قال : ثلاثة أشياء نزلت مع آدم - صلوات الله عليه - : السندان والكلبتان ، والميقعة ، والمطرقة .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ) قال : البأس الشديد : السيوف والسلاح الذي يقاتل الناس بها ، ( ومنافع للناس ) بعد ، يحفرون بها الأرض والجبال وغير ذلك .

حدثنا محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبى نجيح ، عن مجاهد قوله : ( وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ) وجنة وسلاح ، وأنزله ليعلم الله من ينصره .

وقوله : ( وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ) يقول - تعالى ذكره - : أرسلنا رسلنا إلى خلقنا وأنزلنا معهم هذه الأشياء ليعدلوا بينهم ، وليعلم حزب الله من ينصر دين الله ورسله بالغيب منه عنهم .

وقوله : ( إن الله قوي عزيز ) يقول - تعالى ذكره - : إن الله قوي على الانتصار ممن بارزه بالمعاداة ، وخالف أمره ونهيه ، عزيز في انتقامه منهم ، لا يقدر أحد على الانتصار منه مما أحل به من العقوبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية