القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29029_28802لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ( 22 ) )
يعني - جل ثناؤه - بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) لا تجد يا
محمد قوما يصدقون الله ، ويقرون باليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله وشاقهما وخالف أمر الله ونهيه (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22ولو كانوا آباءهم ) يقول : ولو كان الذين حادوا الله ورسوله آباءهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) وإنما أخبر الله - جل ثناؤه - نبيه عليه - الصلاة والسلام - بهذه الآية (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ) ليسوا من أهل الإيمان بالله ولا باليوم الآخر ، فلذلك تولوا الذين تولوهم من
اليهود .
[ ص: 258 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر قال : ثنا
يزيد قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) لا تجد يا
محمد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر ، يوادون من حاد الله ورسوله : أي من عادى الله ورسوله .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أولئك كتب في قلوبهم الإيمان ) يقول - جل ثناؤه - : هؤلاء الذين لا يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم ، أو أبناءهم ، أو إخوانهم ، أو عشيرتهم ، كتب الله في قلوبهم الإيمان . وإنما عني بذلك : قضى لقلوبهم الإيمان ، ففي بمعنى اللام . وأخبر - تعالى ذكره - أنه كتب في قلوبهم الإيمان لهم ، وذلك لما كان الإيمان بالقلوب ، وكان معلوما بالخبر عن القلوب أن المراد به أهلها ، اجتزى بذكرها من ذكر أهلها .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وأيدهم بروح منه ) يقول : وقواهم ببرهان منه ونور وهدى (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) يقول : ويدخلهم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار ( خالدين فيها ) يقول : ماكثين فيها أبدا ( رضي الله عنهم ) بطاعتهم إياه في الدنيا ( ورضوا عنه ) في الآخرة بإدخاله إياهم الجنة (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أولئك حزب الله ) يقول : أولئك الذين هذه صفتهم جند الله وأولياؤه (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22ألا إن حزب الله ) يقول : ألا إن جند الله وأولياءه ( هم المفلحون ) يقول : هم الباقون المنجحون بإدراكهم ما طلبوا والتمسوا ببيعتهم في الدنيا وطاعتهم ربهم .
آخر تفسير سورة المجادلة
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=29029_28802لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ( 22 ) )
يَعْنِي - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) لَا تَجِدُ يَا
مُحَمَّدُ قَوْمًا يُصَدِّقُونَ اللَّهَ ، وَيُقِرُّونَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَشَاقَّهُمَا وَخَالَفَ أَمْرَ اللَّهِ وَنَهْيَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ) يَقُولُ : وَلَوْ كَانَ الَّذِينَ حَادُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ آبَاءَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) وَإِنَّمَا أَخْبَرَ اللَّهُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - نَبِيَّهُ عَلَيْهِ - الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِهَذِهِ الْآيَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=14أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ) لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ، فَلِذَلِكَ تَوَلَّوُا الَّذِينَ تَوَلَّوْهُمْ مِنَ
الْيَهُودِ .
[ ص: 258 ]
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) لَا تَجِدُ يَا
مُحَمَّدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ، يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ : أَيْ مَنْ عَادَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ) يَقُولُ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - : هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ ، أَوْ أَبْنَاءَهُمْ ، أَوْ إِخْوَانَهُمْ ، أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ، كَتَبَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ . وَإِنَّمَا عُنِيَ بِذَلِكَ : قَضَى لِقُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ ، فَفِي بِمَعْنَى اللَّامِ . وَأَخْبَرَ - تَعَالَى ذِكْرُهُ - أَنَّهُ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ لَهُمْ ، وَذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْإِيمَانُ بِالْقُلُوبِ ، وَكَانَ مَعْلُومًا بِالْخَبَرِ عَنِ الْقُلُوبِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْلُهَا ، اجْتَزَى بِذِكْرِهَا مِنْ ذِكْرِ أَهْلِهَا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) يَقُولُ : وَقَوَّاهُمْ بِبُرْهَانٍ مِنْهُ وَنُورٍ وَهُدًى (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) يَقُولُ : وَيُدْخِلُهُمْ بَسَاتِينَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِ أَشْجَارِهَا الْأَنْهَارُ ( خَالِدِينَ فِيهَا ) يَقُولُ : مَاكِثِينَ فِيهَا أَبَدًا ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ) بِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي الدُّنْيَا ( وَرَضُوا عَنْهُ ) فِي الْآخِرَةِ بِإِدْخَالِهِ إِيَّاهُمُ الْجَنَّةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ) يَقُولُ : أُولَئِكَ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ جُنْدُ اللَّهِ وَأَوْلِيَاؤُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=22أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ ) يَقُولُ : أَلَا إِنَّ جُنْدَ اللَّهِ وَأَوْلِيَاءَهُ ( هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) يَقُولُ : هُمُ الْبَاقُونَ الْمُنْجِحُونَ بِإِدْرَاكِهِمْ مَا طَلَبُوا وَالْتَمَسُوا بِبَيْعَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَطَاعَتِهِمْ رَبَّهُمْ .
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ