الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الأضحية عن الميت

                                                                      2790 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش قال رأيت عليا يضحي بكبشين فقلت له ما هذا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أضحي عنه فأنا أضحي عنه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( عن حنش ) : بفتح الحاء المهملة وبالنون المفتوحة والشين المعجمة [ ص: 384 ] ( أوصاني أن أضحي عنه ) : أي بعد موته إما بكبشين على منوال حياته أو بكبشين أحدهما عنه والآخر عن نفسي .

                                                                      قال القاري في المرقاة : وفي رواية صححها الحاكم أنه كان يضحي بكبشين عن النبي صلى الله عليه وسلم وبكبشين عن نفسه وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أضحي عنه أبدا فأنا أضحي عنه أبدا قال الترمذي في جامعه : قد رخص بعض أهل العلم أن يضحى عن الميت ولم ير بعضهم أن يضحى عنه وقال عبد الله بن المبارك أحب إلي أن يتصدق عنه ولا يضحى ، وإن ضحى فلا يأكل منها شيئا ويتصدق بها كلها انتهى .

                                                                      وهكذا في شرح السنة للإمام البغوي .

                                                                      قال في غنية الألمعي : قول بعض أهل العلم الذي رخص في الأضحية عن الأموات مطابق للأدلة ، وقول من منعها ليس فيه حجة فلا يقبل كلامه إلا بدليل أقوى منه ولا دليل عليه .

                                                                      والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يضحي عن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ وعن نفسه وأهل بيته ، ولا يخفى أن أمته صلى الله عليه وسلم ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ كان كثير منهم موجودا زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكثير منهم توفوا في عهده صلى الله عليه وسلم فالأموات والأحياء كلهم من أمته صلى الله عليه وسلم دخلوا في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                      والكبش الواحد كما كان للأحياء من أمته كذلك للأموات من أمته صلى الله عليه وسلم بلا تفرقة .

                                                                      وهذا الحديث أخرجه الأئمة من حديث جماعات من الصحابة عائشة وجابر وأبي طلحة وأنس وأبي هريرة وأبي رافع وحذيفة عند مسلم والدارمي وأبي داود وابن ماجه وأحمد والحاكم وغيرهم .

                                                                      ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأضحية التي ضحى بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه وأهل بيته وعن أمته الأحياء والأموات تصدق بجميعها أو تصدق بجزء معين بقدر حصة الأموات بل قال أبو رافع " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين ، فإذا صلى وخطب الناس ، أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول : اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول هذا عن محمد وآل محمد فيطعمهما جميعا المساكين ويأكل هو وأهله منهما ، فمكثنا سنين ليس الرجل من بني هاشم يضحي قد كفاه الله المؤنة برسول الله صلى الله عليه وسلم والغرم رواه أحمد وكان دأبه صلى الله عليه وسلم دائما الأكل بنفسه وبأهله من لحوم الأضحية وتصدقها للمساكين وأمر أمته بذلك ولم يحفظ عنه خلافه .

                                                                      وأخرج الشيخان عن عائشة وفيه قالوا نهيت أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث ، [ ص: 385 ] فقال : إنما نهيتكم من أجل الدافة فكلوا وادخروا وتصدقوا وأخرج مسلم عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلوا ما بدا لكم وأطعموا وادخروا فكما صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم أصنعه من غير فرق حتى يقوم الدليل على الخصوصية .

                                                                      فإن أضحي كبشا أو كبشين أم ثلاث كباش مثلا عن نفسي وأهل بيتي وعن الأموات ليكفي عن كل واحد لا محالة ويصل ثوابها لكل واحد بلا مرية ، وما بدا لي آكل من لحمها وأطعم غيري وأتصدق منها فإني على خيار من الشارع .

                                                                      نعم إن تخص الأضحية للأموات من دون شركة الأحياء فيها فهي حق للمساكين والغرباء كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى والله أعلم انتهى كلامه .

                                                                      قال المنذري : حنش هو أبو المعتمر الكناني الصنعاني ، وأخرجه الترمذي وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك .

                                                                      هذا آخر كلامه .

                                                                      وحنش تكلم فيه غير واحد وقال ابن حبان البستي : وكان كثير الوهم في الأخبار ينفرد عن علي بأشياء لا يشبه حديث الثقات حتى صار ممن لا يحتج به .

                                                                      وشريك هو ابن عبد الله القاضي فيه مقال وقد أخرج له مسلم في المتابعات .

                                                                      3 - باب الرجل يأخذ من شعره في العشر إلخ




                                                                      الخدمات العلمية